نتذكر أن اللحم على وجبة منزلية متعذر، وإن صادف وليمة في الحارة، فإن الشيوخ والأطفال، يحمدون الله بعد الأكل، يفركون أيديهم بأقدامهم لترطب تلك الدهون خشونة أطرافهم..
يشقى الجمّال سنوات طويلة في سبيل أن يجلب بضع ريالات وحمل رز أو قمح تقسطه العائلة بالحفنة كقوت يومي أو أسبوعي..
ذهب الكثير من آبائنا وأجدادنا إلى العمل في الغوص وهجانة في جيوش غير عربية (حمسوا) نوى النخل وطبخوه قوتا لهم.. قاوموا الجراد والحميات، والجدري، والطاعون.. وبقيت تلك العوازل من القرى الصغيرة تجاهد على البقاء، وحفظت نوعها وتقاليدها، رغم قساوة الحياة وشقائها..
• • •
اليوم نمر بحركة ضوئية، نريد احتواء وتملك كل شيء، وهو طموح جيد، ولكنها حالات إفراط مع الخيال، وبالذات حين نشعر أننا نملك مميزات يفتقر إليها البعض، لتنعكس على سلوكنا وتطورنا..
انتقلنا من فلسفة التمايز الاجتماعي، إلى التسليم بوجوب أن نكون مدراء ورؤساء اقسام، أو أساتذة جامعات، صار طموحنا إذا لم نحقق الشهادة الجامعية أن ننسلخ في الوظيفة المكتبية، تركنا الكليات المساعدة في الطب، والهندسة، والمساحة، والمساعدين الفنيين في الوظائف التقنية، وقلنا أنها مرحلة سوف تنتصر عليها عوامل الحاجة والوعي..
الوقت الراهن فرض قوته، عندما نبحث عن تلك الوظائف التي كنا نعدها بالسلم الأرضي. ولكننا لا نزال بحاجة لمن يفهم اكتشاف المستقبل، وإدراك أن خرائط مدننا.. المياه والكهرباء والهاتف أكثر تجانسا مع حضارة هذا القرن من وظيفة كاتب ارشيف، ومدقق عقود، وصادر ووارد .. فهل نعلم؟.. ربما..
0 تعليق