المتقاعدون..

غرابيل | 0 تعليقات

الخطوات البطيئة.. ثقل القدمين وضعف النظر، وسنوات طويلة يجرها خلفه..
نسي أحلام العمر، وسنوات الشباب.. حتى التجربة العميقة، تلف مع طنين الأصوات الغريبة في رأسه..
ساعات الزمن تمر، وقاطرة كبيرة تحمل الأولاد والأحفاد، ومقابر متعددة بلعت في داخلها أجساد أصدقائه وبعض معارفه.
الطابور الطويل أمام صندوق المصلحة يطول..
عشرات الضباط، والموظفين، والخدم.. وجيش من الصبية، والنساء ممن يحملون صكوك التأكيد أن البنت أو الولد لا زال يعيش، ولم يتزوج، أو يموت. كما تقتضي تعليمات مصلحة معاشات التقاعد، وطلب تأكيدها كل عام..
النهايات دائما صعبة، وحزينة، وغرابة المواقف هي التي تؤكد هذا الحزن الطويل..
رجل الأمس، الذي يحمل الهيبة، والخشية والاحترام..
والذي يحمل دفاتر السحر في انجاز المعجزات والتغلب عليها.. يقف الآن كطفل صغير في طابور الخبازين الصباحية!
لم يهزه الموقف.. لقد اعتاد رؤية الأشياء من حقيقتها، لا من ظواهرها الخارجية.. تلك مسألة لا يكون فيها خصوم، أو مواقع تنشب فيها حروب شخصية.. إنه يجر سنينه إلى محطته الأخيرة.. يقطع صوت الحناجر الهامسة، والمتأففة صوت أمين الصندوق..

  • (علي بن محمد)..!
    يسحب خطوة إلى الأمام ليأخذ دور من قبله.. يعاوده التفكير في اللحظة الزمان، والخطوة من المكان.. يتساءل..
  • (علي بن محمد) هكذا مجردة من أي لقب؟! قطعا الموظف الصغير لم يدرك أن هذا أكبر من رئيسة القائم على العمل..!!
    أمين الصندوق يناوله بطاقة الراتب للتوقيع.. يسأله..
  • (ألم تقل إنك تنوي توكيل البنك عنك في قبض راتبك، بدلا من هذا العناء والمشوار الطويلين)؟!
    يرد بتثاقل..
  • (الأنظمة لا تسمح بذلك)!!

مقالات مشابههة

المبني للمجهول!

المبني للمجهول!

مصادفات متعددة جمعتني به.. محاور هادئ يبحث عن اليقين في الأشياء وربط كل حدث بعوامله المباشرة وغير المباشرة..قال مبدياً وجهة نظر صحيفته.. "… أشعر حين أقرأ لاسم مستعار بأي...

(ديوانية) أبو فراغ!!

(ديوانية) أبو فراغ!!

استوردنا لسوقنا المفتوحة أنماطا جديدة من الاتكالية، والتي لم تعد (برسم البيع) للمفلسين فقط، وإنما تعودنا أن نكرر ألفاظ "لماذا لا يكون، ويجب أن تكون تلك على هذا الشكل".....

الطيبون!!

الطيبون!!

بعد أن وصـفـنـا بـبـرامـيـل (البترول) وأصحـاب الـتـرهـلات المتدلية من الذين يجرون وراءهم المحظيات، صرنـا طـعـامـا وشرابا للدعايات الجديدة..أوروبا تمتلك عداوة ضد الكرة...

شارك برأيك

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *