على المكتب الذي يشبه حدوة الحصان جلس على الكرسي العنابي اللون، يتأمل من نافذته الكبيرة سيل السيارات الداخلة في ساعات الدوام الأولى..
ترك قدميه تسبحان في الهواء، لتصدم بالحرارة الساخنة المنبعثة من المكيف..
قال أحمد..
- «رائع ذلك الشيخ، إنه يحكي تجربته الخاصة»
بجفاء وسخرية رد.. - «وماذا يهمني أنه تقاسم مع أخيه كيس «الخام» ليحوله على رأسه إلى ما يشبه الغترة»؟.
- «ذلك أمر حيوي أن يعيش ماضيه بصورة صحيحة، ولا يتأخر أو يخجل بروايته».؟!.
- عليك إذن، أن تترجم لي سيرة جدتك التي كانت تتوسد (خيشة) التبن، وتحكي تجربتها مع «السعلوة، وقمر الجن»!.
- «يبدو أنك تتحدث، وكأنك من كوكب آخر، ومقطر من معمل كوني خاص»؟!
- «ولماذا لا تقول انه ليست عندي عقدة الماضي، أو التعاطف معه»؟!
- «ذلك صحيح بالنسبة لك سلوكيا، وهي مؤثرات اكتسبتها برحلتك الدراسية الطويلة ولكن هذا لا ينطبق بالتمام على من يختلف معك بالسلوك والطبيعة الصحيحة»..
- «أعتقد أن شيخك، صاحب غترة كيس الطحين، جعلك مرشدا حضارية المفاهيم السلوك»؟!
- «ليس كما تتصور، فهو لم يحك عن تجربة قتل الهنود الحمر بأمريكا ليظل مؤخرا بالضمير القاري الجديد»!!
• • •
بغضب ساخن، يضغط على جرس المكتب.. يدير قرص الهاتف على الدور العلوي..
الخادم يطل، والتعب ينهك سني عمره..
- «قلت لك ألف مرة قف عند هذا الباب»؟؟
يستدرك.. - «افتح هذا الدولاب.. ناولني سجائري»!!
يضحك زميله الجالس قبالته.. - «الدولاب لا يفصلك عنه إلا نصف متر، وتنزل الخادم من الدور الثاني لهذا الغرض»؟!
- «ذلك هو الأمر الذي لم تدركه أنت وشیخك»!!
- «ولماذا لا تقول أن هذا هو سلوك الصحيح»!!
0 تعليق