على خلاف العاملين، يطل عليك بابتسامة صادقة، وحيوية خاصة، يفتقدها الكثيرون ممن يقعون في مسؤولية الدراسة والعمل وكفاح لقمة العيش..
ناولني مقالته بدون مقدمات ولكن قسمات الحياء الرجولي تطل من وجهه الهادئ..
سألني..
- (هل سمعت الإذاعة…. أو قرأت الصحف اليوم)؟!
حاولت أن أسحب الحديث إلى غير ما قصد.. قلت: ـ
(وكالات الأنباء لا تحقق أرباحها إلا على الأحداث..
أفهم ان اللبنانيين يتقاتلون..
وحرب الخليج لم تنطفئ والسلفادور..)
قاطعني بهدوء.. - (.. لكنك لم تصنف الأحداث حسب أهميتها)!.
-(.. وماذا لو عندي طفل مريض، أو صديق وقع له حادث سيارة.. أعتقد أنه قياسا لما تريد، يأتي بنفس الأهمية والترتيب من حيث الصدمة)..
لم يسقط في الامتحان، وإن كانت رجفة خفيفة بدأت تتراقص على شفتيه، وحركة لا إرادية جعلته يصادم ما بين (بيالات) الشاي، وطرف المكتب..
قطع الهمس والسكوت.. - (.. وزلزال اليمن.. ألا يشكل عندك هذا القسط من الأهمية)؟!
مرة أخرى حاولت ان أتجاهل الموضوع، لأكشف صورة أخرى من جوانب ثقافته وإحساسه بهذا الحدث المهم..
قلت.. - (.. الزلزال حالة قدرية جاءت بإرادة الله.. ولكن الزلازل العربية موزعة على جغرافية العالم وتاريخه..
رد بهدوء.. - (.. لكنني مواطن يمني، لا يدري مصير عائلته وأخوته وأصدقائه)..
- (.. إنني أحترم فيك هذه النخوة وصدق الشعور.. واعترف مقدما أن الموضوع حدث مأساوي لا يتغلب عليه الهم.. أو البكاء.. ولكنني حاولت أن أطيل الحديث لأفهم شخصيتك الثقافية)..
قال.. وهو يسحب بقية أواني الشاي.. - (.. لقد كتبت أكثر من موضوع في هذه الجريدة ربما أنها لم تلفت نظر أحد لأنها باسمي الكامل).!
قاطعته.. - (وهل تقرأ)؟
- (إنني أوشك أن انهي دراستي الثانوية وامتلك مكتبة معقولة هي رصيدي في هذا الفراغ العربي الكبير)!.
0 تعليق