أمام “مقرصتها” جلست تحرك خوص النخل اليابس الملتهب تحت مقرصتها..
أصابع يديها المعروقتين تخلط العجينة المتماسكة الشبيهة بعلك اللبان المطاط..
أطفالها الخمسة.. وجدهم المسن، الذي بقي حارس البيت الموحش، ينتظرون عشاء دافئا في تلك الليلة الشتوية.. وأمالها العريضة بعودة الغائب في غربته الطويلة التي امتدت لأكثر من عامين..
تذكرت ذلك الماضي.. غربة الأيام دخان الجلة.. الرحى، والموارد الشحيحة.. البطل كان الصبر والجلد على حياة الكفاف، وقسوة الظروف المريرة..
أدارت حبات سبحتها، لا تدري لماذا تزاحمت هذه الخواطر، واسترجعتها من سنيها الغابرة..
قالت بنتها الصغيرة المدللة..
- “القرصان، والجريش، وماء صحة وحليب الأطفال تباع بالبقالات، وأيامك التي تفاخرين فيها راحت ملح بماء.. حفظنا كل سوالفك غيب”!
اهتزت شفتا العجوز.. ابتسمت وهي تضع يدها على راس ابنتها.. قالت: - “المشكل من يطبخ الطعام اللي نشتهي”؟!
قالت البنت..
۔ “والخدامة جت تطبخ، وإلا نوديها لمعرض العطور والثياب تختار شرهتها”؟!
عاجلتها الأم..
. «علمك طيب.. الصحيح الفلبين، وسيلان.. والهند وباكستان دربت لكم قراصات، وهراسات.. وطباخات حنيني وش بقي لكم من عمل»؟!
ردت بنتها..
- ” قريب نتعاقد مع كوافيره، وخياطة ومربية أطفال وعصافير..”!!
قاطعتها العجوز.. - “ما دام الأكل من القواطي، والحليب من البقرة.. القراصة أحسن من البنت الرفلى”!!
-” .. والنعمة يوم جت عفتيها”؟؟
قالت الأم…
-” والنعمة إني أموت قبل يجي عصر القراصات ومربي الحنيني !!
0 تعليق