تعلم النحو بين أساتذة الأزهر وعلماء اللغة الآخرين ذاكر على سراج “الكيروسين” والقمر، عند الضرورة.. حفظ متون الألفية والضمة المقدرة على آخره!!
سافر ودرس لغات أخرى، هرس اللغة العربية يطارده حتى في أحاديثه العامة.. استشعر أن وجوده بين زملائه، وهو يتكلم الفصحى على طريقة الطائيين القدامى، أنه فريد في عالم لا يعرفه..
السنوات الطويلة أضاعت عنه زملاء الحارة والمدرسة، لم يتذكر منهم إلا (علي)، ذلك المجنون بالمناخات. وخطوط الطول والعرض، والمنطقة القطبية..
قال، بعد أن تصافحا صدفة عند صديق للاثنين..
- “أعتقد أنك انتقلت من الجغرافية الكونية إلى البيئات الصحراوية وشبه المدارية؟!
- رد بتكاسل:
- “ماذا تقصد”؟!
- “قالوا أنك تقيم على مدار آخر في السليمانية والسويدي، والنسيم، وأن قسم المساحة بمكتبك الخاص يخطط لأراض بور لبنائها، أو تشيد مزارع عليها في كينيا، والباكستان، واسبانيا”.
- رد بتهكم..
- “.. وقانون الجاذبية رماك في حقل الأسماء الخمسة، أو فعل (ليس) الذي لا ينصرف”؟!
قهقه عاليا.. - “حتى هذه ذهبت مع تلامذة دار التوحيد والمعهد العلمي وحل من يكتب لك سند البيع في البقالة بالإنجليزية، ويقفل عامل الهاتف بالمستشفى أو الفندق أو الشركة بوجهك إذا لم تحسن هذه اللغة”؟! علق زميله..
-” قصدك أن تقول أن الثقافة ضاعت بين مسلسلات بدوية، وأخرى عامية، وخواجات لا ينطقون ولا يكتبون الا بلفة أجنبية”؟
هز رأسه.. - “.. لا.. كل شيء مرهون بزمنه.. وأنا توقفت عندي جميع اللحظات إلا ما أستطيع أن أعيش به على حدود الدنيا العادية فقط”.
- “ولماذا لا تقول أنك لا تزال بعقدة جمع التكسر”؟!
ضحكا معاً وكانت آخر أيام اللقاءات..
0 تعليق