بين ركام الاضبارات وصور المعاملات الحديثة، جلس على مكتبة العتيق يتأمل تلك الوثيقة لموظف قديم والتي كتبت بخط جميل..
حرك شفته السفلى، وهو يقرأ رقم القروش الدارجة لوظيفة مأمور الإعاشة.. طريقة الصرف. وزمنه المرهون بتعدل ظروف الميزانية العامة.. تذكر أول (شال) اشتراه من مكة، والذي يرتب بعناية خاصة عند سلخه، أو لباسه، وعن العيون الحاسدة الذي ترمقه حين يتزين به وقت صلاة الجمعة، أو مناسبة العيدين..
قطع عليه ذكرياته صوت (مسيعد) الزميل النكد في المكتب والذي يتذكر أنه تبرع بجلد عنزه لصناع (الطبول).. قال مسيعد.. “يا عم راشد.. المعاملة مكتوب عليها للمفاهمة”!!
رد بعدم اكتراث..
- “…ولسانك ناشب بلهاتك يوم ما تقدم تفاهم على عجنها، أو (تطريزها)؟!
- قال ببرود “المدير طلب تشريف سعادتكم للمكتب، وإذا دخلت عليه خذ معك دبوس تنقش به أسنانك”؟!
كركر راشد بضحكته العريضة.. وازن طرف شماغه.. سحب نعله العتيقة.. وقف أمام المدير الذي أشار بطرف اصبعه يطلب منه الجلوس على الكرسي الموازي لمكتبه..
تنحنح مرتين.. سعل ثالثة ليشعر المدير بوجوده.. (طفش) من الجلسة الطويلة، هم أن يضع المعاملة على مكتب سعادة المدير، ونفسه تحدثه أن هذه لم تكن (مفاهمة) وإنما (مقيال) في غرفة (صمخان)..
المدير يجرع كلمة أراد أن يقولها.. سأل المدير (راشد)..
“… أه قصدك المفاهمة. اترك المعاملة لأتذكر المطلوب”!!
قال راشد وهو يقف وسط مكتب المحفوظات، وأمام (مسيعد)..
-” ورفيقنا ما يعرف الجمعة من الاثنين،؟؟
رد (مسيعد) معقبا.. - “صح لسانك.. اللي يشوفك يقول مطيّر صاروخ، أو يحكي بسبع الألسن” قال، وهو يمسح بطرف شماغه عينه من دموع الضحك..
-“… وإلا ما تقول برقص على طبل جلد عنزك المرحومة”!!
0 تعليق