عرفوه بتلك المدينة الصغيرة شخصا غريبا.. بهيئته الضخمة، وتلك الكرش الكبيرة التي انتفخت أمامه يتحسسها كل ما ذكر له وليمة، يعرك لها انفه ويمصمص بشفتيه للذتها التي يتخيلها..
وقف على طرف سارية أحد الأزقة الضيقة هربا من تلك العجائز اللائي يسألن عن حمل لبناتهن، أو علاج لداء الركب، أو طلبه تفسير حلم حرن بتفسيره..
بضاعته مجموعة من سلاسل المفاتيح، والسبح الطويلة، و(نيل) الثياب، وحزمة من المساويك، و(كرتون) من زجاجات (أبو فاس) الصغيرة!!
قالوا عنه أساطير كثيرة، وروجوا حكايات ثلاث أرباعها لا يعرفها كل ما يهمه أن يدور بالشوارع ويستلقي على أقرب عتبة دكان لينام القيلولة..
حلف أحدهم أنه شاهده ليلة السبت في دار (اللبن) في المقبرة القديمة.. آخر تطوع بأنه شاهده عند (قرو) البدو يطفئ اللهب المشتعل بشعر رأسه دون أن يتأثر بالنار!!
في مجلسه المعتاد، أخذ يهلل ويسبح، ويمضغ كلمات غير معروفة، وبين حين وآخر، يصيح على أحد أصناف بضاعته بأمل زبون أو مشتر..
لم يعرف أنه اعتدى على أحد، وحتى الصبية الصغار الذين تطوعوا لأذيته، سد أفواههم، (بالحمص) أو (الفول) حتى يسلم من معاكساتهم وحجارتهم التي يقذفونه بها.. في إحدى الأمسيات، وقبل أذان المغرب، وقفت أمامه وجسمها العجوز ينتفض.. روت حلمها بكل تفاصيله.. راقبت شفتيه، ماذا سيقول.. طال وقوفها أمامه، وقبل أن تنصرف..
قال..
-” .. خير.. خير، ثم مضغ الكلمة الأخيرة..
تابع..
- “ها السنة مطر وعشب وغرق.. وبناتكم من تزوجت بالربيع يطلقها زوجها”!
صرخت العجوز. لفلف بضاعته، ودون أن يلتفت إليها..
قال. - “المهبولة ناوية تتزوج”!!
0 تعليق