كل شيء يعبر عن نفسه بطريقة مثيرة.. هكذا كانت الصور التي تتداعى في ذهنها، وهي التي لأول مرة تصل الرياض..
البيت الطيني الصغير، لا يختلف عن بيتها المماثل، إلا بسقوفه التي استبدلت بدلا من الجريد، والأثل، بالخشب المربع، والواح الذب، ولكن المثير أن نوجد مصابيح تنحرك بمفتاح صغير معلق على الحائط، و(قواطي) الجبن (والمربي)، وتلك التي تهز رأسها لجميع الاتجاهات لتعطي هواء باردا بدلا من (مهفة) الخوص.. حتى الماء بصل بأنابيب (وبزابيز) لا تحتاج إلى أوان كبيرة أو متح المياه من الآبار مع فجر كل يوم!!
تلمست سجادة صلاتها، وسط الظلام في غرفتها الصغيرة، ولأول مرة تكفر بفوائد الكهرباء.. فسراجها الصغير استطاع أن يقاوم الهواء والظلام دون منة الشركات أو انتظار بشرى السلك الذي يحمل تيار الضوء ويحرك المروحة..
استغفرت ربها ثلاثا، صلت العشاء فرضا، واتبعته بركعتي السنة، وطلبت الإله العظيم أن يضيء قبرها، إلى يوم البعث..
ولدها الكبير يزفر، ويتمتم بكلمات لا تخرج من بلعومه، وضغط الحمل الكبير على كتفه يجعله أكثر سوداوية من ظلمة الكهرباء المقطوعة..
سألته أمه دون أن تبارح سجدة صلاتها..
- “حمد يا حمد”.. وأنا أمك ما صبّت الكهرباء؟!
خبط بـ “كرتون” المقاضي.. وضحكة مجلجلة تملأ فراغات البيت المظلم..
قال..
-“غفر الله لك.. الكهرباء تولع، ما تصب “!!
• • •
عند باب المصعد الكهربائي، في المستشفى الكبير، وقفت مع ابنها حمد تنتظر عودة هذه الغرفة التي تصعد وتهبط وفي ذهنها تتصارع جمل مفيدة وناقصة عن هذه الأعجوبة، التي تتزاحم داخلها الأجساد..
أمام الطبيب فطن الابن للمأزق الحرج. وكيف أن أمه خرجت من البيت حافية..
همس بأذنها..
-” وين شباشبك”؟!
قالت بصوت مسموع..
-“قصختها عند باب غرفة الكهرب”!!
0 تعليق