القحط والجراد أبعـداه عن (ديرته).. توجه إلى المدينة العربية الكبيرة وأحلام عريضة تراوده باستعادة لقبه (كوجيه) أو تاجر..
عند مخفر للتجنيد، صف مع (طـابـور) المتقدمين للضابط الإنجليزي.. عرف بنفسه وشخصيته، وعمره، والمهن التي سبق أن مارسها..
في اليوم التالي وقف مع صف المجندين أمام (عريف) خدم في الجيش التركي، ليقوم بتدريب السرية الجديدة..
وكأي مبتدئ حاول أن يقلد مشية مدربه.. أوقفه العريف مرة وأخرى لتضبيط إيقاعات خطواته.. فشلت المحاولة الثالثة..
استدعاه العريف التركي.. قدم له كومة من الشعير طالبا إياه أن يعد كل مائة حبة، ويصبغها بلون خاص..
انقضت الأيام الأربعة الأولى قبل أن تستكمل عملية العد والتلوين..
في اليوم الخامس أمره (العريف) بأن يحمل حبات شعيره دون أن تخلط، ويوزع كل مائة على زوجين من دجاج الحظيرة الملحقة بالمعسكر ومراقبة أبتهما الأسرع في أكل الحبوب على أن تستمر العملية طيلة الأسبوع وإعطاء تقرير عن كل قن دجاج مع وزن كل دجاجة وتسجيل ذلك في دفتر يوميات المخفر!!
• • •
قال زميل له مبشرا: لقد عزل العريف بسبب غلطة نظامية واستعاضوا عنه بعريف فرنسي!!
تكررت أخطاء الطابور مرة أخرى.. قاده العريف الثاني إلى الصالة الكبيرة.. ناوله ملعقة شاي صغيرة قائلا..
- “المطلوب إفراغ هواء الغرفة الفاسد بهذه الملعقة”!!
حاول أن بضحك، لكن صفعة العريف، أطارت كل لحظات تفكيره..
• • •
قيل أنه هرب ولم يحفظ إلا حكمة ذلك الإنجليزي التي تقول:
“ما أكثر الذين يأتون طلبا للصوف، ويعودون ولحامهم محلوقة”!!
0 تعليق