قال الراوي البطحاء، واد يتجه سيله من الشمال إلى الجنوب.. أغلق مجراه وانتشرت على أطرافه العمارات التي قذفت ما بأحشائها من مخلفات إلى سطوحها، وأصبحت مستودعا كبيرا للصناديق، والعلب الفارغة، وبقايا البضائع التي لا تختزن ولا تباع..
ثم تابع روايته.. إن العمارات أصبحت كعجوز السبعين عاما.. طاحت أسنانها وفاح بخر فمها، وسقط ما بقي من شعر رأسها وابطيها وظهرت مسنة تتكئ على عصا التاريخ، لولا أننا وقفنا عند حلة الأحرار، وكانت غلبة الجوع والعطش، وحرارة الجو أمورا أناخت بسيرنا، فتقدمنا إلى المذكور بالخير في مطعم “شوي” الرؤوس والأمعاء والكروش فأطعمنا وأسقانا المرق، وأدام الفول و(المطبق)..
كان الوقت ظهرا ” فتلاهينا” بالحديث حتى لا يدرك النادل وصاحب المطعم سر تباطؤنا، فنعمنا بالبراد والمراد وأكل الزاد.
وقبل ان تدركنا صلاة العصر اتخذنا سيرنا إلى مقبرة (العود) فتلونا السلام على أهل القبور في القول المأثور..
قال الراوي..
وأما ما كان من القوم فانهم ذهبوا جنوبا لتختلط الظلف بالظلف في سوق الأغنام، وتتزاحم “الكنادر” مع البخور والأطياب، في سوق الحراج.. ثم ما كان منهم إلا أن احترف الأول بيع الخفيف والنظيف من أزارير وأقلام..
والآخر عرف بصوته أنه دلال، يملك حنجـرة الباكين على الاطلال..
وأخرنا سمع الشريط فماس وغني حكاية اسمها متاعب البطحاء.. وشهد على ذلك من يريد التوقيع.. والله المستعان، والشهيد على ما نريد!!
0 تعليق