بعينها غرقت كل الأضواء، وسقطت كل رايات كفاحها الطويلة، وهي تشاهد مسرحية حياتها بشريط طويل البطل فيها مواقفها التي انهارت أخيرا، لتنسج في البساط العريض خيوط عجزها بتلك المفارقة العجيبة حين قبلته زوجا وسيما ومتعلما، ولكنه كان إحباطا تاما في علاقاته، وموت الإنسان فيه.
عاملها كجارية صغيرة في بيت من العوانس، وأرادها رحما للتفريخ، تسكن لياليها فراغات الوحشة، والانكسار، وهي ترى أن الساعة الآن تنهزم أمام الهزيع الأخير من الليل وهي تنتظره عندما يشق السكون بطرقاته الحادة وسط استياء الجيران، وفزع الاطفال الصغار، الذين يعرفون كل ليلة كيف ينتهي المشهد الأخير من المسرحية حين تسقط أمهم على أرض الغرفة تدوسها القدمان المتوحشتان!!
قبلت أن تجازف، أن تفتح حوارا هادئا وهي التي تعرف أن ظل شهادته تتساقط أمام ثقافتها وحيويتها ولكنها اصطدمت بجدار جهله الطويل، ونرجسيته وفحولة البغل المتوحشة فيه..
طرقت بابا آخر، ساومته على أن يتزوج ويترك أطفالها، وحريتها بأحد “الدورين” من “الفلة” الكبيرة، ليعيشوا من راتبها وعطايا والدها وأخويها ولكنها اكتشفت أخيرا أنه يمارس مرضا “ساديا” بتعذيبها عن رضى، وببالغ السعادة.
عرضت حالتها على طبيب في الأعصاب وقالت إنها لا زالت تقبل التحدي في مواقفها لكن خشيتها أن يتعرض أبناؤها لتربية ناقصة وسط تنازع طرفه الخاسر هؤلاء الصغار.
الطبيب نصحها بالافتراق، وأنه الحل الجوهري، لأن هذا المرض غير قابل للشفاء!
• • •
فتحت صحيفة ما.. قـرأت عن زواج بمدينة ما تم بمائــة ريال ضحكت من كل قلبها وهي تقول:
- إنهم يمارسون عادة الإعلان.. صحيح أنهم يتمون الزواج بالمحكمة بهذا المبلغ، وبالمنزل بمائة ألف ريال ونحن.. نحن «النساء الجوف بالقش ملئت رؤوسنا» كما يقول «اليوت» في قصيدته الطويلة «الأرض الخراب»!!
0 تعليق