بدأ تناقصه الاجتماعي حادا، فبعد أن كان يختار المناخات المعتدلة في رحلته الكوكبية، ويوزع أرصدته على المصارف الدولية، عاد بفحص خرائط أملاك من الأراضي، ويدقق بأوراق الديون، المستديمة..
حسب رواية صديقه القديم أنه بعد مسلسل الأرصدة الضخمة، تخيل نفسه مطبوخا بقدر – (سقراط) مضافا إليه خلاصات الشعر، وزعفران الرياح الناعمة التي تهب من الغابات المعطرة وهو يمتشق سيف فارس اسطوري يحكي سيرة بطولة لم تحدث..
انتفخ على أصحابه وتمنى لو أن قانونا عالميا يحدد كميات الهواء الصالح للتنفس لنوعية من الناس، وأن تحتكر الشمس إلا البعض من يستحقون الضياء، ولكنه عزل نفسه بأحلام ومغامرات تستحق أن تروى في تاريخ لاحق..
نسي (القفر)، والجراد، ودخان الجلة، وماء “الجابية”، ليتحدث عن مياه (إيفيان) وسمك السلمون في المسيسبي) ورحلة صيد في أدغال الكونغو، وبعدم إصرار نسبي المشي على الأطراف الجليدية بكندا لصيد الثعالب القطبية !
تورمت الكلمات في فمه.. احتقنت أوردة رقبته وهو يسجل هذه الاعترافات من جلساته بهذه العبقرية التي لم تكتشف إلا متأخرة ولكنه كما اعتقد بأنه مثل الجواهر الثمينة لا يشتد لمعانها إلا بتقادم الزمن عليها..
انتهت الرحلة السعيدة إلى مصادمات مع حيتان الدائنين، وتماسيح الورثة ممن أعلنوا بمزاد علني عن آخر سقف يأويه..
أصدقاؤه الذين أسقطهم من قائمة اهتماماته، هم فقط الذين لملموا أطرافه المتناثرة حيث عادت بسمته الصفراء الحزينة، وهو يتسلم قرار تعيينه معاينة لأملاك صديق، أدرك أن في صاحبه بقية خير يجب الا تنقطع حباله بفعل صدمة زمن قاهر..
0 تعليق