استخرج من صندوق جده بقية وصاياه (دينة) على (راعي الحوش) ووداعة عند بدوي، وصاع نمر سداد دين لـ “موضي” الحطابة..
بقيت ورقة تكاثر عليها التأويل والتخويف، لأن جدتهم هي التي حفظت السر الذي أخفاه الجد حتى عن أكبر أبنائه، ولذلك فقد أكدت بتحذيراتها، أن هذه الورقة لا تمس إلا بشروط أقلها أن يبلغ الابن الأصفر الستين من عمره حتى لا تصاب العائلة بـ “الساحق الماحق” أو الشر المستطير..
الحفيد المتمرد وحده الذي أراد أن يفك اللغز، كانت تراوده أحلام كبيرة، فقد تكون القضية كنزا في “بيت درجه” أو أرض على أربعة شوارع، أو دين على (مليونير) ربطته علاقة تجارية بجده، أو أحد أفراد الأجداد من قبله في أحد أركان المعمورة.. حفيدة أخرى أفشت السر بأن أخاها يزمع أن يفتح الوصية. بدون أي اعتبار للمحاذير، لأن هذا الشيطان الصغير لا يجد بتاريخ جده ما يجعله صاحب (قماقم) تحبس بها الشياطين، أو روي عنه أنه مطاع من المردة والعفاريت..
اضطربت أركان العائلة.. جعل الخيار لهذه القضية المنسية للأكبر في الأسرة، يفصل في الأمر على مسؤوليته الشخصية..
الجميع رفضوا الإفتاء أو حتى مس تلك الأوراق المحفوظة بالجلد العتيق.. المتمرد الصغير حمل الجلد خارج حدود الحارة.. وأمام انفعالات اختلطت فيها الرهبة مع مشاعر متضاربة، فتح الأوراق وكان المحتوى:
“من يقرا هذه الرسالة سبع مرات سوف بعلم أن دموع ليلى العامرية محفوظة بقارورة في أحد البحار السبعة، ومن يعثر عليها وينشر تلك الدموع إلى أرض بلقع سبخة سوف تنبت الزعفران بإذن الله، وتكون عاصما له عن الفقر حتى يموت”..
طوح الشاب بيديه، ووسط غرابة عائلته الذين اعتقدوا أنه في ذمة مجهول، دخل مقهقها حاملا معه السر العظيم.. ليضيف:
- “لقد كان جدي أكبر مغفل بالتاريخ” !.
0 تعليق