كلمات عجلى!!

آفاق | 0 تعليقات

يسألونك عن الثقافة!

وزارة التخطيط ترى أنها استعداد شخصي، وتنميتها لا تدخل في حسابات الخطة الأولى، ولا الخامسة، ولا رصد الها أي مبلغ ما، بدعوى أنها غير قابلة للتموضع المادي… ونحن نقول لماذا تصرف دول أجنبية سواء منها كبرى أو صغري على مراكزها الثقافية حتى خارج بلدها مبالغ هائلة وطائلة لهذه الغاية؟
العراق مثلا افتتحت مركزين كبيرين للثقافة في باريس، ولندن عرضت من خلالهما قصة حضارة ما بين النهرين القديمة، إلى جانب أشعار البياتي، والجواهري والسياب، وقصص الربيعي وغيرهم من المعاصرين، وحسب المركزين بأنهما تظاهرة ثقافية كبرى في بلدين أوروبيين..
من هنا لا ندري ما الصواب في وجهتي النظر المتغايرتين؟
نحن مع الوزارة بأن المكتبة يمكن أن توجد بالنقود ولكن إيجاد وعي القارئ وعبقرية الفنان، لا تأتي عن طريق بذل النقود فقط.. ولكننا نتحفظ بأنه ليس من المعقول إيجاد الطلاب للدراسة على الرصيف قبل انشاء المدرسة بكافة لوازمها من كتب ومدرسين، وفناء، ووسائل إيضاح إلى غير ذلك.
أما وزارة المعارف فهي الأخرى أنشأت ما سمي بالمركز الأعلى للعلوم والآداب والفنون قبل عشرين عاما وظل هذا المركز غرفتين متلاصقتين لموظفين فقط رئيس برتبة عالية، وكاتب صادر ووارد، ويصمت حتى الآن، إلا من لوحته الكبرى، ودليل التلفون، وثبات هاتين الوظيفتين في الميزانية المدرجة لكل عام..
قد يكون للوزارة نظرة خاصة بأن الثقافة بالحدود الدنيا لهذا المعنى: جهاز يفوق طاقتها وصلاحياتها في الوقت الحاضر، وأن هذه الثقافة كالابن اليتيم موزعة تركته على عدة جهات، وبذلك ضاع راعيه، ويخشون على نسبه من الضياع..
لكننا نعرف أنها تنشئ مكتبات المدارس، ومكتبات عامة، وهناك نشاط لا منهجي للرسم، وصحافة الحائط، والمسرح المدرسي، وهذه مكونات أولى للثقافة وتجاهلها يعني إيقاف مادة شبه أساسية في المدرسة.
صحيح أن هذه النشاطات موزعة على عدة إدارات حتى داخل الوزارة التي ترعى هذه الحدود الدنيا من الثقافة الناشئة، وهو الأمر الذي ندرك معه لماذا بقي المركز العتيد بسنه، القليل بعطائه وأهميته محالا للتقاعد من تاريخ نشأته..
إن الازدواجية في الإدارة واحدة من أهم وسائل الضياع، وهذا ما جعل تركة المرحوم (المركز) موزعة بين الأبحاث والمناهج، ورعاية الشباب والثقافة العامة، وصار الصمت واحدا من ادوات الاحتجاج له..
أما جمعية الفنون والآداب، وأنديتها الثقافية فهي تمارس – حتى الان – الجانب الهامشي، والدعائي للثقافة بدليل التناقضات الحادة بين ناد وآخر من جهة، ومحاولة استيعاب نشاطات أخرى غير قادرة عليها، مثل المتاحف الشعبية وهي في كل دولة إدارة مستقلة لها متخصصون وباحثون، في مراكز علمية كبرى كالجامعات.
ثم أن هذه الجمعية لا زالت تمارس نفس الكيفية التي تعيشها الإدارات الأخرى التي لها اختصاص بالثقافة. تمارس أعمالها عن طريق (الروتين) الحاد أحيانا والمخفف في أحيان أخرى…
فإذا عرفنا أن نشأتها حديثة ندرك حساسية موقفها ولكنها لا يجب أن تغرق نفسها فيما هو وراء قدرتها، لأن الذي يريد بناء تراث فني غنائي (أو فلكلوري) عليه أن يدرك أن السامري والحوطي لا يستطيع فنان كبير مثل( ) ليلبس (زخمة) بعدة أزارير ويحرك يديه والقسم الأعلى من جسمه حتى يكون مدركا وفاهما لهذا الفن، وأساسياته الأولى..
إن هذا التشابك بين الصلاحيات، وانفراط عقد المصالحة والتمازج بين هذه الأجهزة، هو الذي جعل الثقافة عندنا في أزمة..
فإذا كنا نعرف أنه ليس المطلوب أن تكون الثقافة مجموعة كتاب وفلاسفة، وعلماء لغة ومتون، فإننا ندرك أن الثقافة جزء من حضور إنساني في الوجود، وواحدة من السبل المسلكية في التعامل الانساني والمحلي..
فالذي يعرف الذوق الفني في اختيار الشكل الخارجي أو الداخلي لمنزله و نعتبره مثقفا، والذي يدرك معنى الوقوف أمام إشارة المرور بدون إزعاج بالمنبه نعتبره واعيا لمعنى النظام..
إذن الثقافة لا ينظر إليها أنها الشيء المعقد والصعب وبالتالي خلق التعقيدات أمامها بهذا التعريف، لأنها جزء من سلوكيات اجتماعية هامة، ولذلك لا ينتظر، إذا كنا نريد الصرف عليها من مفهوم هذه الأهمية، أن ننتظر الربح المباشر والعلني، وإلا لطالبنا بالقياس، كل المدارس والجامعات أن تحقق هذه المهمة..
نحن نجد المصاعب كبيرة وقاسية، فالمؤلف الذي يريد بيع كتابه لأي وزارة كانت، عليه أن يفهم أنه مطالب بالتعقيب، والتوسط، وبالتالي فهم نظام المناقصات، والمستودعات لأنهما يريدان تطبيق النظامين عليه..
أذكر على سبيل المثال أن مؤلفا سعوديا بعد أن باع نسخا من كتابه طالبته الوزارة المشترية أن يقسم هذه النسخ إلى أجهزتها خارج الرياض وأن يضع الأعداد المقسمة (بكراتين) ويسلمها لإدارة المستودعات لتوزيعها على مناطقها..
إذا كانت هذه مشكلة صغيرة، يمكن لهذا الجهاز أن يوفرها بوسائله الخاصة فكيف بالمؤلف، الذي لا تقبل وزارة أخرى مؤلفه، إلا بحذف مقاطع أو أجزاء حتى ولو كانت من قصيدة، أو قصة يختل بناؤها بمجرد حذف سطر أو بيت واحد..
إننا لا نعارض أن يكون هناك رقابة على أي مؤلف ولكننا بالمقارنة بين مؤلفنا، وأی مؤلف آخر يدخل مكتباتنا ومدارسنا، لا نجد هذا التعسف من الرقيب، باعتبار أن مؤلفنا يعيش بيننا، وبتقاليدنا.. أما الآخر فهو ينطلق من خصوصیات وضعه..
ليس يهمنا هذا.. المهم أن تكون الثقافة غير مصابة بداء التشتت والضياع، فهي سلاح بالقدر الذي يمكن محاربتنا بها، نستطيع الدفاع عن عقائدنا، وأخلاقياتنا بنفس الأسلوب..
وحتى يكون لنا جهاز مرکزی یلم هذا الضياع، بأی اسم کان وتحت أي صفة، فإننا نقول أن الثقافة تحتاج إلى المعونة والصرف، لأنها تأكید لهويتنا، ونفوذ هام إلى أي وسط كان، ولا نريد أن ندخل في مقارنات أخرى مع دول عربية، وخليجية بالذات اهتمت بهذه الأنشطة وصارت موضع احترامنا في إنتاجها المسرحي، أو التلفزيون أو حتى في المقروء من هذا النشاط الجيد، لأن القضية لیست منافسة بقدر ما هي مساهمة..
ولعلنا ندرك أن المؤلف حتى ولو كان من أبناء هذا الوطن يستطيع أن يجد دار النشر والتوزيع التي تهتم بنتاجه، وهذا ما أغرى أكثر من دار بالعرض على مؤلفين من بلدنا، وسط حمى التجارة الثقافية، ولكننا نقول أننا الأحق في الاهتمام بمؤلفنا وكتابه، حتی یکون وسيلة تعريف، وإضاءة مميزة في الأفق العربي الثقافي.
إن هذه السطور مجرد تصورات، وآراء الغاية منها خلق تنمية ثقافية جيدة، وحتى نبعد عن المفهوم المادی للثقافة، ونحمى المؤلف والقاريء والمؤسسة الثقافية من السقوط، او الانتماء لأي نشاط مغایر، ونحن ندرك ما معنى التسابق على ما سمي بالمراكز الثقافية الأجنبية وغاياتها الظاهرة، والباطنة..
ونفهم أن الثقافة كمفهوم عام لها غاية مثالية رائعة ولكنها قد تسقط في الكيفية السياسية، أو المذهبية، وهذا ما نبحث عنه من حصانة للقارىء، والكاتب ممن تهمه هذه الغاية الجليلة..

المفاهيم الخاطئة!

  • قال إنكم تقودون حملة غير متكافئة، مع حملة الدكتوراه، وأنكم تصورونهم بنوعيات مبتورة اجتماعيا وثقافيا ۰۰
    قلت..
  • إن التعميم في أي شيء كان، هو ظلم، وحكم غیر واقعی، فليس كل (الدكاترة) واقعين في هذا التصنيفه وإلا لعزلنا أهمية التعليم بأكمله، لكننا لا نقول أن كل (الدكاترة) من صنف واحد..
    فهناك من يحمل هذا المؤهل، بالانتماء فقط، وهذا يقع في الدائرة إياها من الاتهام بالقصور الثقافي، أو حتى التخصصي.. ولعل هذا ناتج من سوء تخطيط للتعليم أساسا؟
    فنحن شعب يبحث عن المظاهر التعليمية.. فالشهادة الدينا وسيلة للطموح وليست غاية نعطيها المدلول الحقيقي وهذا الطموح قادنا لأن يكون بيننا أكثر من ألف وسبعمائة حامل دكتوراه في مختلف التخصصات، وأعتقد أن هذا الرقم في بلد كبلدنا لابد أن يكون ظاهرا في نشاطه وعطائه، لكن الحقيقة المؤلمة عكس ذلك، مما يجعلنا نعيد النظر بمسألة المؤهل العالي هل هو الأهم في سبيل سلوك طريق للتنمية الحقيقية؟ أم أن حرفيا على مستوى جيد يعطي لنا أكثر من صاحب هذا المؤهل..
    قطعا الطريق إلى الوصول إلى بيانات إحصائية في مسألة عقدة الإنتاج تحتاج إلى عمل میدانی شاق، لترتيب التعليم على ضوء خططنا القادمة..
    لكن ما أريده هو أن الدكتور الذي يناقش الفيزياء الذرية مثلا، ليس مجبرا أن يعلمنا عن جهل هل الحسن بن هاني عربی، أم فارسی؟ وهل هو متهتك في شعره أم صادق؟؟
    لقد انتقدنا بعض الدكاترة من هذا الموقع، لا من حب التجني، أو الإقلال من أهمية هذا المواطن المؤهل، ولكن من حساسية عطائه كقدرة مطلوب منها أن تشغل فراغ هذا التخصص..
    رد…
  • ولكن هذه محاكمة علنية، القصد منها التشكيك في أهمية هذه المؤهلات حتى على مستوى الجامعات…
    قلت..
  • أولا أنا أنفي أنها محاكمة، بقدر ماهي مصارحة ولم نناقش هؤلاء من أنهم في برج عاجي، أو نوعيات منتخبة بفصائلها ودمائها، بقدر ما أدركنا أننا وهم على وفاق في طرح مفاهيمنا لبعض من غاية سليمة، وليست مناظرة للتهجم، لأن هذا الأسلوب يحمل التطرف، ويضيع معه جوهر الموضوع، ولهذا ليس بيننا عداوات كما تتخيل..
    فالدكتور الذي يحاور طلبته، وزملاءه، لا يضيق بنقد جريدة أو كاتب بجريدة، ولم يكن الموضوع الذي طرحناه شخصيا مقصودا فيه فلانا من الناس ولكن كنوعية من المحسوبين علينا، ولهذا قلت أننا يجب أن يمارس كل إنسان مؤهل تخصصه، وإن كان هذا بالقدر الذي توجبه المسئوليات الوطنية، ولكننا لا يجب أن نحرم طبيبا أن يعشق الأدب، ويهواه ويمارسه، ولكن يجب أن لا يطغی على تأهيله العلمي الذي نحتاجه.. فلكل شيء أوليات في الأهم والمهم وإلا لضاعت الطاسة، وصار الدرویش معلما..
    قال..
  • إننا نتفق من حيث المبدأ، وأنه لا خلاف في النقاش من هذه الزاوية بالذات، لكنني آمل أن لا تكون عقدة من هذه النوعيات مع المواطن العادي بالقدر الذي أتمنى أن لا تكون عنصرا (منتخبا) كما قلت في سياق حديثك…
    “فنحن في كلا الحالتين نحتاج ألى أي متعلم يبني معنا هذا الوطن، ويدرك معنى الإيجابيات والسلبيات في المظاهر، ولو كانت شهادة عليا..
    قلت..
  • إننا متفقون، وأتمنى أن يكون لهؤلاء رأي مقروء ومسموع، بشرط أن ننزع أسلوب المكابرة، أو تخطی الواقع، حتى لا يضيع المرء، وتضيع معه القضية، ونكون طرفین خاسرين في السباق..

شاعر مظلوم!

الصديق الشاعر (أحمد الصالح) مسافر أصدر دیوانه الأول، ولم يطرح من الزملاء الكتاب كعطاء مبكر لهذا الشاعر، بأي صورة من صور النقد الهادف..
وإذا كانت هذه التهمة تتصل بأحد، فأنا واحد منهم لا لعدم قيمة ما كتبه (أحمد) فقط ولكن من زاوية أننا نمارس عقوقا حادا لأی کاتب جديد يطرح آماله، وآلامه في سوق الأدب..
ولعلی لا أريد أن أتناوله من المواقع النقدية الاجتهادية، ولكن من رؤية أن هذا الشاعر، وخاصة في قصائده الأخيرة التي نشرت في مجلة (اليمامة) يطرح لنا شخصيته من خلال عطاء جيد، إن لم يكن رائعا..
وهذا دليل على أن الصديق لم ينفيه قلة الاكتراث في تطويع مسيرته للأحسن، وهذا برأیی صدق الفنان والشاعر مع مواقفه وحياته كعنصر رائد في مسيرة أمته ووطنه..
إن أحمد شاعر شاب يحتاج منا القيام بأبسط الواجبات أمامه، لا لنحسن صورته، أو نشوهها، ولكن لنعطيه حقه من التقييم، الذي أدرك أن هذا الصديق المتواضع مع إنتاجه يعزه، ولا يغضبه أن يرى صورته أمام الاخرين..
إنني أتمنى أن تتاح لي الفرصة للكتابة عنه، بروح المجتهد، لا الناقد المتمكن، ولكن ليعذرني الصديق أن ما في الساحة من أحداث وظروف جعلت الأدب والنقد من جملة شواغلنا، ولكنه لا يأتي في الترتيب الأول الحساسية المواقف والظروف، التي تحتاج الى متابعة سريعة..
للصديق أقول.. أنه لم يضع من دائرة اهتمامنا، أو متابعتنا ويدرك هو ذلك، وهذه الكلمات لا للتذكير به، بقدر ما هي تحية صغيرة من صديق حميم..

هي ومواقعها الحقيقية!

کطرف معاند للجهل، حملت کتابها، صرخت في وجه التحجيم، والفرضيات الجاهلة..
لقد خرجت من مسام هذا الوطن، لترد له حقه کأم وأخت، ورائدة في المدرسة والجامعة.
إن الفتاة في بلدنا تستطيع أن تفاخر بنفسها، لا من موقع التعظيم المكابر، ولكن من إدراك أنها صارت تملأ الفراغات الممنوحة لغيرها قديما..
إنني أطالع أقلاما جديدة، ورائعة، رغم ذاتيتها أحيانا وتصوراتها للأنا الذاتي، لأنها مرحلة أي بنت تريد التخطي والانفتاح على عالمها وقيمها.. ولكننا في هذا التتابع مع الثقافة والمعرفة، نقيم توازنا بين المرأة والرجل على صعيد الوعي، وهو الانشطار الذي أصابنا طويلا وقسم رؤيتنا أمام بعض…
إن المرأة لم تعد هذا الركام من الملابس، وأدوات الزينة والتخفر، إنها امرأة فاعلة، ومنتجة، وغير متسطحة ذهنيا.. وهذا الواقع يجعلنا نعطى شهادة تقدير اللفتاة التي دخلت المسابقة مع الشاب في الحصول على مواقعها الحقيقية في المجتمع، وفي الثقافة بالذات…
إنها بهذا التواجد تمنحنا الثقة والاطمئنان على مستقبل أجيالنا رغم الصور المهشمة وغير المتفائلة..
وأنه ليس الكاتبات فقط من تستحق هذا الثناء، وإنما كل نافذة جديدة في وعي بناتنا، ونسائنا، ولعل الاحتفال بالتفاؤل هو الأمر الذي نتمناه، ونحب معايشته.. وهذا الموقف هو الذي تستحقه المثقفة من ـجيالنا الصاعدة..


التاريخ: 06 – 06 –1400 ه

مقالات مشابههة

التقابل.. والتضاد!!

التقابل.. والتضاد!!

في عدد الأحد الماضي من جريدة الرياض رقم 5412 في 27/6/1403 كتب معالي الدكتور "عبد الله التركي" مدير جامعة الإمام محمد بن سعود مقالا عن فن التعامل مع الظروف...

شارك برأيك

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *