لم أفكر بأن أي كاتب أو صحفي، أو ممن يمتهن هذه الحلزونات المتشابكة، أن يفقد فكره بمجرد أن تقطع أصابع يمناه، أو يسراه..
لقد خسرت (هيلين كلر) ثلاث حواس دفعة واحدة لكنها صارت أسطورة إنسانية في تعلمها من خلال اللمس، لغة التعساء من أمثالها ممن فقدوا هذه الميزة الإنسانية الكبيرة، وصارت تبتكر مع معلمتها لغة الأصابع الحساسة، ولغة حب جديدة لتعساء العالم..
ممتهن الثقافة والصحافة أياً كان لونها، لا يفقد الأشياء بمجرد جز أصابعه، أو حتى رأسه، لأن الثقافة نزوع نحو الأقدر والأعلى، ولذلك بقيت بمختلف العقائد صورة المبدع القيم على حرية الإنسان.
فإذا تعطلت حساسية اللمس، لن يقطع صوت اللغة المتسرب لأشرطة التسجيل، ولذلك صار من أخطر أنواع المهربات العربية، وأخطرها تعاملاً هي أشرطة (الكاسيت) لأنها تعبر بالكلمات بصوتها، ورموزها، وإبعاد الارتدادات الصوتية، الجهورية أو الهامسة، إلى ما فوق الحدود الآمنة أو الملتهبة وبمختلف الآراء، ولذلك هربت من الاحتجاز أو الصمت..
تهريب الكلام، مثل تهريب الإحساس عبر أي ظروف مناخية، أو موجات صوتية يظل في العمق لا تصله أي أداة من أدوات التوقيف..
احتجاز الحس العاطفي، أو الجمالي هو الذي يقف وحيداً ويتنفس من رئة الأرض كلها بدون رهائن أو زنزانات، ولذلك تتخذ الدول المتقدمة كل وسائل العلم لاحتجاز هذا الحس، الذي يصير أحياناً قومياً أو دينياً، أو أي أنواع الحب لله، والوطن، والإنسان!!
الصحفي واحد من أصحاب هذا الحس الاجتماعي الإنساني، ولكنه في ضمير الوطن العربي يبقى بدون شهادة «حسن سيرة وسلوك» لأنه ضمن الممتلكات السياسية، وخاضع غصباً عنه لتيارات تجبره على الخضوع فكرياً ومادياً، ولذلك لا يستعاب أن يكون الصحفي تاجراً يعرض مواهبه في كافة دكاكين الساسة في الوطن العربي، وحتى لو أراد أن يحتمي باستقلالية معينة، أو خلق حياد (إيجابي) فإنه لابد أن يخضع لتحالفات متغايرة، أو يفقد رأسه، أو على الأقل غسل دماغه!!
محنة الصحافة أنها كلعنة الفراعنة تقتل كل مكتشف لحقولها السرية.
من طرف ثان الموقف مع الصحافة المحلية كالموقف من الأندية الرياضية، أي انتماء الغافل وأحياناً المتعصب القادر على رؤية الناس من المخارج الضيقة لتفكيره..
أو بصفة أكثر شمولية الوظيفة التي يعاديها الناس، إما خشيةً من سلطتها أو كرهاً لتكرارها إلى مواقف ومواضيع غارقة في المبالغة والبلادة، في حين أن نظرة من يهواها، أو يمارسها يراها كالعذراء التي تختزن كل جمال الكون!!
الصحفي أكثر الناس قدرة في خلق المشهورين والكبار، أو تكبير الصغار، ولكنه في المقام الاجتماعي يجلس في كراسي الدرجة الثانية إلا في منصة الصحافة الرياضية لكن هذا الخيار نابع من عدة مواقف ابتكرت نفسها، وجعلت الصحفي موظفاً صغيراً في مكاتب العلاقات العامة لأي مؤسسة أو إدارة..
إذا كان هذا التعميم ظاهرة غير واقعية تصدق على الكل بدون استثناء فإنها أيضاً ظالمة إذا لم تنصف البعض ممن اختزن في روحه الدموع والابتسام وعلامات الفرح..
الصحافة العربية كما قلت تعيش في محيط ظروفها وعلاقاتها ولها وسائلها التي تنتهجها من واقع الموقف المفروض من الوضع العربي، لكنها لدينا تختفي عنها نزعة الملكية الفردية، أو شراكة الأشخاص ولذلك فهي خاضعة لمؤسسات تختلف نوعية الأشخاص وثقافاتهم أو الرؤية الحقيقية المطلوبة لخلق صحافة حديثة.
فمن بين الأعضاء من يراها مؤسسة فاشلة لا تدر ربحاً وهو محق في نظرته إذا كانت لا تتعدى فلسفة الربح لأي مبلغ موظف!!
وآخر تهمه أن تكون وسيلة إعلان لمستورداته وفرض سلطته على الجريدة، بطريق الاقتراع وكسب أصوات المؤسسين، وتحويل الجريدة إلى غرفة عمليات يكثر فيها الموتى، لأنه الرئيس يملك مفاتيح الجريدة كلها، وآخرون يقفون بشعورهم الوطني وتهمهم الجريدة كطرف في معادلة اجتماعية هي إحدى وسائل جدليتها بين قطاعات المجتمع المختلفة.
من هذه المظاهر العامة يقف الصحفي كعلامة على (تحويله) في طريق رئيسي، قابلة للتغيير في أي وقت ولذلك يكون الحماس، واستقراء الحدث، والحركة على قراءة ما فوق المظاهر الآنية، هو العمل الحقيقي للصحفي، لكن هذا – وفي معظم الأحوال – لا يصدق على صحفيينا.. لماذا؟! لأن الصحفي ناقل أخبار، ولكنه غير محلل للأفكار التي تنتظم في عمله كصحفي.
أنا أريد الانطلاق من فرضية أن الجسور مفتوحة، وأن حسن النية متوفر عند كلا الطرفين، كما هو متوفر عند جهاز الرقابة الإعلامية أو تنظيمها في وزارة الإعلام، لكنني لا أستطيع إغفال المواقف المتناقضة عند كل الأطراف التي ذكرتها..
الصحفي لم يدخل المعترك كمحترف إلا في الآونة الأخيرة، لكن الشعور السائد، أنها لا تطعم عيشاً، وأن وسائل الردع والتخويف، أكثر من الضمانات الإيجابية إلى جانب شيء هام أن الحوافز المعنوية في خلقه كصحفي ناجح يطرح دقائق الأشياء، ولو كانت محلية لا تتصل بأي قضايا خطيرة يوقفه عن العمل الإحساس الخفي وراء الجزاءات، لا المكافآت.
الحقيقة الثانية، أن الضوابط الهامة، سواء في السياسة الخارجية أو الداخلية، تحتمي بعدة تقديرات قد تكون نابعة من سلطة رئيس التحرير نفسه ولهذا تفاوتت الرؤية لأبعاد المواقف من شخص لآخر تبعاً لتقدير الظروف من جهة، ومن ضعف أو قوة التصور لعمق هذه الأحداث ومفهوم قوة تأثيرها الخارجي أو الداخلي من خلال ثقافة رئيس التحرير ونظرته للأشياء، وتقديرها..
المفهوم الآخر أن مسالمة الحذر الذي يصل إلى حد الخوف يستوطن حتى الأشخاص بوزارة الإعلام، ومرد ذلك باعتقادي، إلى تكثيف معنى السرية في كل شيء. وهو أمر قد لا يكون دائماً، فهي قطاع إعلامي هي أكتر من يملك إشاعة هذه الأسرار، الدولي أو المحلي، أو ربما أن التناقض هو في التباعد النسبي في التقييم بين الجريدة أو المجلة، وبين وزارة الإعلام التي لا تخضع هذه الوسيلة الإعلامية المقروءة لكافة سلطاتها الإدارية.
يجرني لهذا الموضوع، ولو على سبيل المثال فقط، الحديث المطول مع الأستاذ عبد الرحمن الراشد مدير عام الصحافة في جريدة الجزيرة يوم الأحد الفائت الموافق ۱6ر۱4۰۰۸هـ..
الذي يعنيني من هذا الحديث أن الأستاذ (الراشد) مس الأشياء من سطحها، وأنا أعذره لأنه يتحدث وفقاً للمحاذير التي ذكرت، رغم أن الاستاذ عبد الرحمن من أقرب المسئولين في علاقاته مع الصحافة، حباً وفهماً، وحلاً لكثير من المشاكل العابرة.. لكنه وقع في تناقضات عديدة مثلاً (القول بأنه يوجد جمعية للفنون والثقافة وهناك نشاطات الفنانين قائمة ولكن طرحها في صحافتنا يجب أن يكون وفق معايير ننشدها ونسير عليها).
قد أكون بطبيعتي الخاصة أختلف مع الفنانين أو الجمعية من واقع نظرة فكرية خاصة، لكنني لا أدري ما مصدر الخلاف بين أن نعترف بوجود الجمعية والنشاطات الفنية، وإذاعتها في كل وسائل الإعلام الرسمية وبين (المعايير التي تنشدها الوزارة)!! في حين أنها تراقب بدقة تصل إلى حد إيقاف الملاحق الفنية التي لا تخرج بدائرة تفكيرها، ونشاطها عن المعايير المنشودة؟!
شيء آخر يمس بأقصى مراميه الحدود التي تتعامل بها الصحافة مع القطاعات الأخرى، عند استدعاء الصحفي للتحقيق معه.. هذا الموضوع مهم جداً..
فقضايا الأمن في أي بلد في العالم، حتى الذين مارسوا أقصى حدود الديمقراطية في الغرب لا ينازعون في أن هذه القضايا يجب أن تخضع للرقابة الصارمة، لأنها تدخل في حدود الأمن الوطني أو القومي، لكن أن تفتح كل الأبواب للصحافة العربية أو الأجنبية بمختلف تياراتها، وهو عمل لا يضر بتاتاً طالما أنها تمارس مفهوماً لا يمس القضايا الجوهرية، أو انتقاص العقائد الدينية أو الترويج لعقائد أخرى مضادة، لا أعتقد أن في هذا خطورة على مواقفنا الثابتة، لكن أن تظل شكليات صغيرة أقل تعقيداً مما تنشره هذه الصحافة يجر الصحفي عندنا إلي التأنيب، أو لفت النظر، وإذا اقتضى الأمر التوقيف ولو مؤقتاً يلزمنا بطرح هذه الجدلية غير المتوازنة بين أطراف المسئولية الواحدة، ومحاولة التفريق في المعاملة.. فإذا كانت النظرة من طرف واحد هو حماية التقاليد، فإنني لا أجد انفصاماً عند القارئ الواحد لمختلف هذه الصحف، إذا كان الغاية هي التأثير الخطير على هذه التقاليد طالما أن القارئ يمتلك الحس، والمفهوم الذي تطرحه هذه الصحف..
الشيء الآخر، أننا بالقدر الذي تحتفل به صحافتنا صعودها لأول الدرجات الأولى في سلم الصحافة المبتدئة، ومحاولة استيعاب كفاءات وطنية، فإننا لا ننسى أن المفهوم السائد أن صحافتنا لا زالت تتغذى على شخصية الصحفي الفرد، الذي له القدرة على خلق مزيج مركب من عقليات، وكفاءات متفاوتة، وكذلك شعوراً بالمتعاملين معه بالحدود الآمنة التي يستطيع الدفاع عنها في غفلة أي تجاوز من صحفي لا ينتظم عقده على نظام محدد، يعرف من خلاله الجزاءات أو المكافآت.
الموضوع في النهاية لا أملك كل أسراره، بحكم تعاملي المحدد مع الصحافة بشكل غير ثابت، ثم أنه يجب أن يكون مثار الصحفي ذاته بدون رهبة أو خوف لأن المضامين التي ننطلق منها تصب في مورد واحد، هو الاتجاه للوطن، ولذلك لا أعتقد أن هذه العقدة، أو شبه الافتراق بين الصحف عن بعضها غير جدير ببحث هذه الأمور، طالما – كما قلت – أن النية الحسنة متوفرة في معناها ومضمونها.
الشاطر.. سقط..
ما هو المعنى الذي نستشفه من تردى مستوى نجاح الطلبة والطالبات في مستوى الكفاءة، والثانوي؟
ما حدث هذا العام لابد أن يكون، ولم يأت مصادفة طالما أن كل المسببات موجودة تتحرك على سطح المدرسة، والبيت والمجتمع، ومضاءة أمام العيون كل حالات السقوط، والضعف في هياكل المدرسة.
ما حدث لم يكن بمعزل عن الحالة التي تعيشها مراحل التعليم، من اجتهادات فردية، وتجارب خاضعة لأمزجة متنافرة.
من المدرسة الشاملة، إلى اليوم الدراسي الكامل، ماذا حققنا وماهي فوائد هذه التجارب؟؟ ومن منهج الرياضيات الكلاسيكية إلى الرياضيات الحديثة، مروراً بالوسيلة، والمعمل، والشكل الذي تقوم عليه المدرسة وعدم قدرتها من حيث تخطيط البناء على ترتيب هذه الأجهزة والاستفادة منها، إلى حجم الفصل، ونموه، وعدم التعدد إلى أشكال هندسية تتناسب وتقنية التعليم مستقبلاً ماذا فعلنا لكل ذلك، وسط الأطراف المتنازعة على ما يسمى بالتخطيط للتعليم؟
إذا عرفنا أن منهج الرياضيات الحديثة انتهى العام الثاني له، وهو في طور التجارب، وأن الوسائل المساعدة لهذا المنهج المتطور – إن صح ذلك – لم تأت للمدرسة إلا بعد مضي عام من تنفيذه.. وأن النسبة الكبيرة من المدارس لا تستطيع إيجاد غرفة للوسائل والمعمل الذي بدأ تأمين أجهزتها..
ثم الأصعب من ذلك كله أن المناهج، عدا البعض البسيط منها، تستورد بسلبياتها وإیجابياتھا – إن وجدت – من الخارج، دون مراعاة للفوارق الاجتماعية، والمناخية، والإنسان بيننا وبينهم، حتى أن فريقاً من الأجانب الذي يقوم بإحداث طبع للخرائط الجغرافية كوسيلة يقوم بالعمل عليها وتصحيحها وحتى إعادة تحديد المكان، ومقاييس الطول والعرض فريق من شبابنا الرائع، ولكن الامتياز والختم هو لشركة (الخواجات)..
الأمور المتضادة، المتنافرة كثيرة ومتعددة، ولكنها قابلة – إذا أريد ذلك – أن تتطور إلى الأحسن..
فلو افترضنا أن الكواكب المضيئة بالمدرسة تتلخص بالمدرسة كمكان، والكتاب كمادة للمنهج، والطالب كغاية، والمدرس الذي يملك مفاتيح هذه الاضاءة بكاملها.. نطرح سؤالاً واحداً.. هل هناك من رابط حي بين هذه العناصر؟؟
المدرسة خضعت في هندستها العمرانية ومساحتها إلى تصور قديم لم يراع ما ستكون عليه بعد مضي عشرين عاماً..
والكتاب تضاعف حجمه ثلاث مرات عن الماضي، وصار الوزن الكمي يتفوق على المادة الدراسية التي يحتويها. وكما قلت خضع لعشرات التجارب، من المدرسة العربية في مصر، إلى آخر صيحة تجريها كتجربة أمريكا، وبذلك صار غريب الوجه واليد، طليق اللسان والعقدة..
أما المدرس، وإخوته في الإدارة المدرسية فهم يهتمون بتزيين المدرسة بالخرائط والرسوم، والصحف الحائطية، أكثر من التحصيل العلمي للطالب..
المدرس مشكلته مادية، ومعنوية.. مادية لأنه يخضع لنظام الموظفين بكامل نواقضه وسلحفائيته قصيرة الخطو إلى الأمام لأنه يسير ضد الساعة في تنظيم كوادر متطورة، ومعوقات، وهوامش تبريرها أكثر من حصاد انتاجه، ولأضرب مثلاً، وأرجو أن لا تكون الابتسامة صفراء..
وزارة المعارف تقوم بدورات من خمسة أعوام في تكنولوجيا التعليم أو (الوسائل الحديثة) في جامعة الرياض لمدة عام كامل، خاضعة لمناهج معدة من الجامعة وهيئة تدريب من أساتذتها المتخصصين، وحتى ساعتئذ لم يعترف الديوان في هذا الدبلوم، ومرجع ذلك أن الذين يقيمون هذه الشهادة لا يملكون تصوراً ثابتاً لجدواه في حين أن دورات تدريبية أقل تقام في جامعات أخرى تقيم في الترقية وغيرها، لأنها من الخارج..
وبعد نقاش طويل حول هذا الدبلوم تقدم الديوان (رعاه الله) بحل مضحك يجلب على السخرية.. الديوان منح من يكمل هذا البرنامج درجة أخرى، لكن بشرط أن يكون المتدرب في المربوط الأول للمرتبة.
الرد على الديوان من خلال الواقع أن المدرس، ولو جلبناه مباشرة بعد التعيين، وقمنا بتدريبه عاماً كاملاً، سيمضي سنة، وبالتالي يأخذ الدرجة الثانية في سلم الوظيفة مباشرة، وبدون منحة الديوان.. ناهيك بأنه رغم هذا الموقف المتطور في نظرة الديوان للتدريب.. ولم يعترف إلى هذه اللحظة بهذا الدبلوم، كما قلنا..
هذا مثال واحد فقط من بين المعوقات الرسمية التي يقف منها الديوان بكافة أعذاره النظامية والقانونية.
تبقى المشكلة الثانية، وهي المعنوية للمدرس.. ليس هناك ما يميزه عن موظف يمضي ثلاثة أرباع السنة في التثاؤب وقتل الوقت بين الأسباب، ولوك الأحاديث المعادة ألف مرة..
نحن ندرك أن إجازته فرضت عليه كعامل يتواقت مع فرضيات العام الدراسي، وهو نظام عالمي لا غبار عليه ولكن إذا كان هذا التوقيت جاء قسرياً للمصلحة العامة، لماذا لا يكون من حوافز المدرس أن يمنح مثلاً راتب شهرين كمكافأة، ويخفض له في تذاكر الخطوط في الداخل أو الخارج هو وأفراد عائلته ممن يعولهم، أضف إلى ذلك إشعاره بأنه مدرس مبتكر، لا ملقن يكون حبلاً موصلاً من المنهج إلى الطالب..
هذه الأشياء أجبرت معاهد المعلمين، والكليات المتوسطة وكليات التربية أن لا ينتظم إليها من الطلبة، إلا الهاربون من المواد الجادة، والكثير منهم يفتعل كل الأسباب بعد التخرج إلى الهرب من التدريس.
من هنا كان السبب في ضعف المدرس، وتسيبه، وقلة اكتراثه بهذا الواجب الرائع..
التقارير الشهرية، أو حتى النصف سنوية عن الطالب غير موجودة بتاتاً، والطالب ينجح في النقل على ذمة لائحة الامتحانات التي وسعت كل الأساليب في إعطاء الدرجات، حتى أن الطالب يتخرج من الابتدائية لا يعرف القراءة ولا الكتابة..
والمدرس المتعاقد لا أمنحه البراءة الكاملة، ولا الإدانة طالما أنه يشاهد الطريق مفتوحاً لممارسة كل الممنوعات، وأن الرقيب في إجازة ذهنية طويلة.
النسبة المتردية هذا العام في إنقاذ لماء الوجه في السنوات الماضية، لأن الأسئلة جاءت مغايرة لتصور المدرس والطالب، ولجان الامتحانات كانت أكثر رقابة، ولذلك كثر سقوط (الشطار) لأنه حصل تفاوت كبير بين امتحان النقل، وامتحان الشهادة، وصارت لجان الرحمة تقسو بعض الشيء لمصلحة الأبناء..
المسئول بالجامعة هو صاحب هذه الضجة لأنه بالصوت العالي قال:
(أنقذوني).. وإلا احتجت إلى فتح فصول تمهيدية قبل الدخول للجامعة ولا يعني هذا براءة الجامعة من مسئولية مضافة في عجزها هي الأخرى، ولكن لهذا حديث آخر، وإن ارتبط الموقف بجملة أسباب منها الجامعة أيضاً..
ومن تجارب المدرسية الشاملة، إلى اليوم الكامل، مروراً بحقائق تطورنا في الرياضيات الحديثة، نتمنى لكم نجاحاً مضطرداً، وكل عام وأنتم بخير..
• • •
لأحمد الصافي النجفي
أرى بشراً قد حف بي أم عقاربا
أم أني أرى في زي ناس أفاعيا
أسجل أعدائي لأمن غدرهم
وقد كثروا حتى نسيت الأعاديا
صفعتهم حتى برى صفعهم يدي
ودستهم حتى غدا النعل باليا
ركلتهم دهراً فأصبحت أعرجا
وألقمتهم نعلاً فأصبحت حافيا
• • •
سعى للشهرة الجوفاء قوم
وكم بالشهرة اندثر الشهير
فبعض الناس يقتله خفاء
وبعض الناس يقتله الظهور
كبعض الخلق يقتله ظلام
ويقتل سافل الحشرات نور
كذاك النمل فوق الأرض يحيا
وتأكله متى طار، الطيور
التاريخ / 19 – 8 – 1400هـ
0 تعليق