الإدراك لعصر ما، هو محاولة قبوله، وتحديثه، أو نسف التمايز بين واقعه الحالي ومستقبله، وهذا الأسلوب يتطلب انقلاباً ذاتياً في خرق تلك الشبكة غير الواضحة بين الأجيال جميعاً.
في عالمنا يتطور العلم وفق مقتضيات الأحداث العالمية لا الحاجات الإنسانية الضاغطة، وهذا الأسلوب أولد ما يسمى بالانتماء غير المدرك لتلبية حاجات الشباب الرافضة لهذا التنويع والمبتور أصلاً عن قيم الإنسان ونواميسه..
وبهذا صارت المغامرة نوعاً من الواقعية المطلوبة، لأن شق المعادلات الفوقية أمر محتوم، ولهذا صار الشباب هو القوة المحتارة ولكنها غير المتجرة، أو التابعة!!
والمخزون الذي تتنفس منه هذه الفئات وليس الماضي وليست تجريدات الحاضر، ولا التناسب غير الواقعي بين الممكن تحصيله أو فرضه بقوة الواقع..
الشباب بهذه الصورة يبحث عن حوار، وانكسار هذه الأغلال بين الأجيال ليست مطلباً يخضع الأضعف للأقوى، ولكنها أصوات منذرة ما سيكون عليه عالم المستقبل!!
إن كل جيل رافض لما قبله وهنا تحدث الخيارات غير العاقلة، والمميزة بالعنف، والارتداد لما هو معشوق.. وترك هذه الأجيال تتصرف وفق منهجها أمر محطم لكل الأشياء الإبداعية التي تنتظرها.. وهو حتماً قياساً على حركة التنويع التي تمت في كل تواريخ الحضارات الإنسانية..
فاللوحات الإرشادية في الشوارع والميادين العامة، وعلى شاشات التلفزيون لم تعد تستقى مرحلتها، وتفسيراتها من عمق هذه الذوات المأزومة، لأن المحاكاة مع هذه النوعيات فرضت عليها التطويع غير الاختياري بأن تكون تابعة لإراداتنا.. وهذا التحرك دائماً غير إيجابي لأنه ينطلق من منحني التاريخ الذي عشناه، ولا يستجيب للرغبات المتعددة في إطار الحاضر..
غير أن وقوفنا على الاجتهاد في صنع الصيغ المحلية وتوريثها هذا الجيل لا يخدم الطرفين.. بل قد يحطم خيط العلاقة الذي يربط بين تجربتنا، وما نحويه من ميراث للتقاليد، والأفكار، وبين المطالب التي تريد التغيير في النوعية والنمط، ولو أدى ذلك إلى تحطيم ذلك الحاجز بين جيلين متوازنين في التفكير والاستحداث..
لقد نسينا أن أحداً لا يقبل أن يولد في سن الشيخوخة، وإلا مات على قارعة الانتظار في حل لغز الأمل، والاتكالية على انحرافات الزمن..
فالإمكانات التي نريدها هي ليس استرداد هذه الأجيال إلى حظيرة مخنوقة بأفكارنا وتصرفاتنا.. ولكن بقوة ما تحمله من قناعات تفرض هي خلق الحوار، والتطوع، بأننا امتداد تاريخي للتعاون في صنع هيئة المستقبل..
كذلك الأمر لم يعد تظاهرة خاصة، أو احتفال نرمز إليه بزينتنا، وتوضيب ملابس تستر عرينا الفكري.. وإنما التغير بالزمن كوحدة حقيقية بيننا وبين أبنائنا..
فالتأثيرات الكبرى صارت تحمل احتياجاتها الاستراتيجية بعديد من الوسائل المغرية.. والأخلاقية وغير الأخلاقية.. وهنا صار التأثير الخارجي ينطوي على كارثة، لأننا لا نملك التفسير لما يحيط بنا، وما يرتب لمصيرنا فنحن نفسر مواقفنا حسب تركة الماضي، ونريد فرض عيوبنا، أو حتى كمالياتنا على جيل غير مسيس.. أو جيل يرتب مواعيده وتصرفاته على إرشادات وتعبئة الدعايات العالمية الحديثة، وهو ما سمى بالاستعمار الدعائي أو الثقافي إن كان ذلك مقبولاً كثقافة..
إن محطة الاستقرار التي نبحث عنها ليست الاسترسال بالإرشادات المذاعة، ولكن لنصل الى الخط الواصل بيننا وبين هذه المجاميع البشرية التي تبحث عن دور لها في الزمن الحاضر والمستقبل.. يتطلب استعداداً لتنازل بين أطراف المعارضة، وقد لا يكون سهلاً أن يتم هذا التنازل.. ولكن ما هي البدائل التي يجب أن نطرحها كمنهج للمستقبل؟!
إنه بتصوري ليس المحافظة على نوع التركيبة القديمة التي نريد للشاب أن يعد خطوات التقهقر ولا للشابة التي تريد أن تزينها أمها (بالحناء) و(الخلاخيل).. ولكن بالبحث عن موقف وسط لا يتخلى عن التقاليد الموروثة الممتازة والمعاني الروحية، ولا بالنشوء في تصدير الضغوط، وامتلاك الزمن والموقف باسم أسبقيات الكبار على الصغار، أو فروض الأبوة على الأبناء!!
إن تتويج الحاضر لا يتم بالممارسات غير العاقلة، ولكن بالتجاذب ونسف هذا الحاجز غير المرئي بين هذين الجيلين، خاصة فيمن يملكون التصور العاقل!!
وبدون إغفال لأزمات أخرى فإن الانسحاب من التجربة القديمة، وترك الأبناء يتصرفون وفق النظريات التربوية التقليدية بترك الطفل يتصرف وفق منهج الحياة، فيه إجحاف للحاضر، لأن ما ورثناه من قيود وحرمان لا يفرض بالضرورة إطلاق كل التصرفات بغية الحصول على أكبر قدر ممكن من الحرية لهذا الجيل القادم، ومن نفس العشق للحرية..
فالتقدير الصائب هو ما نعنيه وما نطلبه ولكن – كما قلت – بتنازلات تتطلبها المراحل القادمة، لأن الحوار هو أرق الوسائل التي يمكننا الخروج بها من أزماتنا، والانطلاق بها إلى آفاق أرحب.. هنا نحصل على رأي يقول:
• ليس من حقنا أن نضع التقدير الخاص بالآخرين فالمطلوب هو خلق عاملين متوافقين مع عملهم وأنه جزء من نشاط كوني وإنساني.. وأن الإبداع أمر مطلوب للتحرر من الانطواء وراء المعرفة الباهرة والتي نتخيلها معجزة فريدة بسبب نقص في استثمار حيواتنا غير المهزومة..
• أن نجعل الشاب مجرد باحث يحوم في حول المعرفة ولا يضع تقريره.. وهو الاستلاب الحقيقي لبسط النفوذ على إرادته وعلة غايته..
• ثم إننا بهذه القيود نريد خلق النموذج المنطبع فقط في حيواتنا وتاريخ علاقاتنا في جميع المطلقات أو الأمور المحددة وهذا تقدير خاطئ، أو هو مبالغة في التقدير دونما النظر إلى الخلفيات التي ستضعها حالات ناشئة عن تعلق بموقف غير مرحلي وجامد.. أو منحدر من الوقوف على محطة واحدة..
ونقول بنفس الصيفة والتركيب هل المرأة نوع من الانفصال الخارجي لهذه الحياة؟!
قطعاً غير ممكن خلق أي انفصال بين هذا العالم المتحد بطبيعته..
وإذا كان المفكرون الكبار من أفلاطون، إلى العقاد، لا يجدون في الارتباط الزوجي إلا قيوداً غير محتملة..
فان هناك من يرى أن أولئك الكبار ينتمون إلى حظيرة (الخصيان) أو الذين فجروا تلك المنطلقات من زاوية عجزهم الجنسي بدليل أن الاختيار للمواقع الناشفة والجادة هي الطابع المنهجي في حياتهم..
وإذا كانت الحروب مأساة الإنسان في تغيير مسار حياته فإن الحربين الكونيتين أوجدتا تحرر المرأة – أو ما يزعمون – من كل قيودها الجنسية، وهو أمر مبالغ فيه من حيث النزعة الأخلاقية لكل شعوب العالم.. ولكن المواليد غير الشرعيين هي التي تركت تلك الدول تواجه أمراً طارئاً وغير مقدر رسمه في القوانين القديمة، بحيث ترك الاختيار للحالات الناشئة قسراً أن تكيف القوانين باعتبار أنها نشوء غير قانوني في عرف ما قبل الحربين..
وإذا ما استدركنا أن العوالم المعاشة بين الجنسين تختل متى حدث أي انشقاق في البنية السلوكية، والتي من آثارها العامة:
• اختلال التوازن التربوي..
• الفوارق شبه الحتمية في التمايز العقلي..
• نشوء التضاد بين الأجيال..
• البحث عن حلول في المصادفات، والهروب من مواجهة المشكلة المرتبطة بالزمن الحاضر
كل هذا يغلق المسافة بين توحيد العلاقة..
«كانت» قال رأيين أو بعدين حضاريين في تفكيره..
• (السماء المرصعة بالنجوم من فوقي، والقانون الأخلاقي في باطني)..
وقال:
• (عندما كنت في حاجة إلى زوجة لم أكن قادراً على إطعامها وعندما كنت قادراً على ذلك لم أعد في حاجة إليها)!!
وهذا منتهى التناقض في الوجود العاقل..
فقد يجرد الإنسان حينما كان يواجه القدر بنفسه عارياً عن الأسلحة إلا عقله الصغير، ولكنه حين عرف الحيلة فقد تلك الإيجابية الإنسانية في الاحتفاظ بالآخرين كوجود مشارك.. وهو أمر نريد معرفة دلائله في مكوناتنا المتناقضة..
والدليل الواقع يشترط (التنسيم) لتلك الأنفاس أن تعود لبعض ما تريد.. وهو الطموح البسيط الذي يفتح النوافذ الجديدة للتحديث!
الابتزاز العلني
لا أدري من يحمل وزر (سيزيف) من المواطنين.. كل مؤسسة وشركة تريد استنزاف مالك وعواطفك.. والغرق غير المميت في السفينة الجارية أصبح يسد الأنفاس!!
تصوروا (شركة الوكالات الأهلية للسيارات (دودج) والقابعة على الركن الفاصل بين شارع الأحساء، وطريق خريص قامت بإصلاح (سيارتي)، وكم يؤسفني أن أحتل هذا العمود بمسألة شخصية لكن أدرك أنها تصل غيري بالذبح بنفس السكين التي ذبحت بها..
أقول إن الوكالة قامت بتغيير (بواجي) وتنظيف (الكربريتر) أو ما سماه بضبط المحرك.. وكانت الفاتورة هي الأرقام الفلكية الآتية:
• قيمة قطع غيار (155) ريالاً
• أجور عمل (425) ريالاً..
بمعنى أنه لو أعطينا الوقت للعامل الذي قام بالإصلاح ساعة واحدة – وهو قد يكون معقولاً۔ فإنه سيدخل لخزينة الشركة في اليوم الواحد (3400) ريال، وبالشهر (۱۰۲۰۰۰) ريالاً ولو أطلنا المدة لعام واحد فقط، فإن الدخل سيكون أجور لا غير وبدون ثمن قطع غيار هو مليون ومائتين وأربعة وعشرين ألفاً (1.224.000)..
ويعني بالتفسير الثابت أن ساعة العامل بالشركة المذكورة تفوق ساعة محاضرة يلقيها في جامعة (هارفارد) المستر(کیسینجر)
قلت للمسؤول..
- إن هذا رقم غير واقعي وخيالي؟!
رد.. - إن عليك دفع ما بالفاتورة وهو الأمر المتعارف عليه في شركتنا!
- قلت..
- ولكن هل هناك لائحة معترف بها من قبل الجهات المختصة تحدد هذا الأجر؟!
احتد ولف يديه وراء ظهره.. - إنني أبيعك السيارة بتسعيرة الدولة، ولكن قطع السيارة والإصلاح أنا تاجر وحر التصرف بما أعمله!
- رديت..
- ولكن لماذا لا يكون هناك كشف أولاً، ثم تعريف الزبون بقيمة تكلفة الإصلاح ليكون أمام خيارين. الإصلاح أو رفضه
سخط، ورد بلهجة (شامية) تهديدية.. - (عاجبك أهلاً.. موعاجبك روح اشتكي)
هنا انتهى الحوار.. وأنا أطرح الموضوع لا كشكوى حسمت من راتبي رقماً لا أقوى عليه.. ولكن هل وزارة التجارة، وإدارة حماية المستهلك على وعي ومتابعة لهذه الاختراقات اليومية.
إذا كنا نعرف أن مختبرات الجودة تقرر صلاح أو فساد أي مادة استهلاكية.. فمتى نعرف أن مسئولاً بهذه الشركة (حر) ولو تعدي على حريات الآخرين وجيوبهم بدون رادع؟!
أم نجلس على كرتين من الجمر، ونرقد على (قالبين) من الثلج ونبتلع بطيخة؟! وهؤلاء وغيرهم يدورون بقانون خاص بهم بدليل أن ذلك المسئول لم يقنعني بما يربط المتعامل مع الشركة بأي قانون حماية اللهم إلا أن نبحث عن صديق للمستهلكين (كرالف نادر)؟!
وشكراً لتجارب الأيام رغم قسوتها، ومرحبا بأكل (شوال توابل) ساخنة في قيلولة الصيف على تحريك كلمة عتاب مع تاجر! – مرحباً بأصحاب كل وكالات السيارات اللطفاء!
وأخرى لا تحبونها..
أنا لا أدري لماذا يمتد الجشع حتى للمجلات والكتب العربية. هل لأن جيوبنا المليئة بالذهب هي التي تستحق فرض ضرائب حيوية من جميع هذه المؤسسات؟
النقل الجوي معروف أن له تعرفة دولية متعارف عليها.. وشركات التوزيع تأخذ بحسابها كل التكاليف.. ثم سبب أهم أن الطبعة التي تصل إلينا هي الطبعة العامة لكل الأقطار العربية الأخرى.. ومن جهة أخرى نرى مؤسسات عديدة تدعم هذه المجلات والصحف بالإعلانات..
لكن المعاملة تظل أننا يجب أن ندفع الأكثر، وبدون إبداء الأسباب..
فإذا كان الحساب بالليرة اللبنانية، وهي التي لم تعد تتجاوز سعر الريال بفارق كبير كالسابق، وأن الجنيه المصري أيضاً وصل إلى أقصى حالات الانخفاض بالنسبة للريال.. لكن السعر للكتاب والمجلة والجريدة يبقى أكثر من متجاوز للسعر الرسمي الذي يجب أن تبقى عليه الأسعار الخاصة في هذه المستوردات..
فهل ستظل سوقنا خاضعة للأسعار الخاصة لهذه المؤسسات بدون تفريق بيننا وبين أقطار عربية أخرى؟! أم أنه يجب معاملتنا كباقي أخوتنا بدون تمييز..
أنا أعرف مجلة (خليجية وأخرى عربية مهاجرة، توزع في المملكة أكبر نسبة من طبعاتها وهذا يعني أن هذه السوق يجب أن لا تخضع للمعاملة غير الحسنة واستبعاد النية الطيبة غير وارد وهذا ما قد يدفع للتلاعب موزعي (المفرق) وبالأسلوب الذي سبق أن عرف الإعارة القصيرة وبنسبة بسيطة لسعر المجلة..
ما أرجوه هو أن نحل هذه القضايا البسيطة بيننا أخلاقياً، وخاصة في مؤسسات لها تأثير في أفكار وحيوات الناس.. ودمتم محترمين!
التاريخ / 25 – 7 – 1399هـ
0 تعليق