الثقافة لا زالت أمراً جدلياً في جميع الأوساط الممتحنة بهذه الضرورة البائسة..
وإذا كان التركيب (السيكولوجي) للإنسان يمجد ضرورة الثقافة كواحدة من الأسلحة الذاتية سواء في الدفاع أو الهجوم.. فإنها – أي الثقافة – تبقى (مرسول الحب) وغضب الأشقياء.. والرحلة العسلية في صالونات أباطرة التاريخ..
ومن هذا المنحني بقيت الثقافة حالة غير مطمئنة.. فهي سلاح لا تتحقق قوته الشريرة إلا حين ينحرف، ويقف الطرف المضاد للإنسان، كما تحقق في فلسفة (ميكافيللي) في كتابه الشهير (الأمير) والذي أصبح دستور حكومات أوربا المستبدة في ذلك العهد..
أو قد تصبح علامة موجهة في فترة من التاريخ للهداية لوجه مطلوب استحداثه أو خلقه، وهو المطلب الذي تفرضه – عادة – القوة الطالبة، أو الإرادات الضاغطة كما حصل في عصر النهضة الأوربية التي أحدثت أكثر التأثيرات الأوربية الكبيرة والتي قلبت مفاهيم وأرست أسساً ونظريات تطامنت عندها كل الرؤوس الصلبة.
وإذا كانت التعريفات العامة للثقافة انطوت على مفهوم واحد هو أنه (وعي ما يحيط بالإنسان) في الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل، فإنها بهذه الحالة ترتبط بإدراك ما يؤديه الإنسان من دور في الحياة كعنصر عاقل، ومعقل للطبيعة..
وإذا كانت (الكلمة) بحدودها الثلاثية.. المسموعة أو المنطوقة، أو المقروءة، هي البداية الكبرى لتحقيق معاني الأشياء، وإعطائها البعد الواقعي والجدلي مع الوجود.. فإنها، أيضاً، أمر حاسم في (تعيير) موازين العلاقات الإنسانية، وتأكيد هوية الإنسان كطرف فاعل ومؤثر في كل جدليات الطبيعة..
فالأدوار المتعاقبة في التاريخ، من بدايات الرسوم العادية على كهوف الإنسان البدائي، إلى الترجمة الفورية لكل الأنشطة العقلية المتخزنة والمبرمجة في الآليات الحديثة (الكمبيوتر) لم تجعل الثقافة غاية مطلقة بحيث تصبح عشقاً (ميتافيزيقيا) غير متواجد مع طبيعة الإنسان وغاياته الملموسة، وإنما هي وسيلة وغاية مترابطة كحاجة طبيعته وواقعه ضمن مواقع الانسان بأعلى انتاجاته وعواطفه..
وهنا المعطي الموحد في تمييز الثقافة أنها نمو متواجد ومتحرك، أو متحد بقضية حتمية التطور المتلاحقة..
وهذا هو الفاصل، أو المؤيد للمقولة بأن الثقافة ليست حركة ملتصقة بتمييز طبقي أو نوعي.. وهنا الإجبارية على معادلة عدم التوافق.. في السؤال الدائم.. والمتمحور في:
• هل الثقافة جهد ذاتي بحت، بدون معرفة المركب المتناقض في حياته المادية والعقلية؟
• أم أنها شيء لا يتحقق إلا بالموازنة الطبيعية بين أن تمتلئ معدته أولاً، ليفكر فيما حوله، أو يتجاوزه لما هو بعده؟
الحديث حول المفهومين بات يرتبط بفلسفة قائليه ومن مواقعهم الفكرية وامتيازاتهم المادية..
أو من معاناة الحرمان بين الرغبة الشخصية في تحقيق الأشياء غير الموجودة من خلال ما يفكر به أو يتعلمه؟
الرأي الأول يعالج الثقافة من زاوية المتعة الحسية فقط ويركن إلى حيلة أن الثقافة معاناة ولا تتصل هذه المعاناة إلا بحياة التقشف والانسحاق، ويدلل على أن كل العظماء نبتوا من هذه الشجرة الضعيفة الجذور والفروع.
وإذا كنا لا نستطيع استبعاد سبب التحديات الإنسانية في خلق مواجهة فكرية بين المظلومين والظالمين، فإننا لا نؤمن بهذه الثنائية بأنها السبب العقلي في رسم الثقافة (المتحدية) أو المظلومة.. بدليل أن هذه الثقافة نشأت من سبب مضاد وبزواله تزول المعاناة، أو تحتمل الرؤية الثانية بالتكييف مع الأسباب الناشئة حديثاً، والتي عزلت حجة تلك الجدلية الثنائية..
الرأي الثاني يقول: لماذا تولد هذه الثقافة ذات الوجه المنسحق، أو الدوني في حياة الناس العاديين؟
قطعاً باستقراء الخريطة الإنسانية في جميع خطوات تنقلاتها في التاريخ نجد أن العبرة ليست هدفاً في تحرير الإنسان المظلوم من العقوبة الدائمة في بقائه في هذه الدرجة الدنيا من الحقوق الإنسانية.. ولكن لأن هذه الفئة هي التي تشكل الاغلبية العظمى للمأساة، لا في إطارها النظري، ولكن ببعدها الواقعي الحتمي..
فالتعليم فرصة نادرة بين هذه الأوساط في مختلف قارات العالم، ولكن إذا تحقق تعليم شبه متوازن مع هذه الفئات فإنها تصبح الضمير الباطن والظاهر لعالمها، وهو السر في إعطائها النموذج الثقافي الحزين والبائس، أو المترجم للملاحقات الظالمة في مسيرة الإنسان الدوني.
فالارتباط هنا عضوي، واتحادي، والسبب تقارب المستويات واتحادها في علاقات موحدة ودائمة، وهو الأمر الذي يحتويها في مد منطقي واحد..
الثاني أنها لا تحتاج إلى تزييف ممارساتها اليومية لأنها في ذات محيط المثقف ونبتته غير زائلة من حوض النهر نفسه.
يبقى المؤشر يدور حول هذه الجدلية، بين الثقافة المأساوية التي تغور في النفق المظلم.. أو تلك الثقافة المتمتعة بالرؤية الخارجية والممنوحة امتيازات التلقي فقط.. أو هي التي تسمح بالبقاء بذات الامتيازين.
الثقافة (المعاناة).. والثقافة (الفرجة)..
هنا يحدث الانشقاق في التصور والممارسة.. وتظل التعبئة العامة متضادة وغير منسجمة، وهو التأثير الذي أطل وتعايش مع جميع شعوب العالم الثالث..
ولعل الجدلية تأخذ مساراً أخطر، وأوثق علاقة بين أجيال هذا القرن بالذات..
فما تعرفه شعوب الفئات القادمة من دول العالم الفقير أن الثقافة ارتباط ومعنى.. أي تجسيد للمواقف الصحيحة للحالة الراهنة..
وهنا كان الضياع أكثر، بحيث استغلت هذه الفئات من الثقافات ذات التأثير الأخطر.. وهي التي طورت مفهوم (أيدلوجية الثقافة).
فمرحلة النازية، والفاشية صارت معلقات مكروهة على صدور أجيال كل العالم، حتى الذين لم يتأثروا بتلك الحروب بفعل الثقافة الغربية المسيطرة.. لكن التعويض في سد ذلك الفراغ جاء باستعمار ثقافي أخطر، وأوفى لشروط البقاء من المقاومة الحديثة.
الاستعمار القديم زيف تاريخ البشرية وثقافاتها وخلق الفرقة بينها وبين أي قبول للوعي الجديد حتى لا تنكشف مسروقات الدول المستعمرة (بكسر الميم، وفتح الراء) من أساسيات الثقافات الآسيوية والأفريقية.. وصار هذا المفهوم عملاً تقوم به تلك الدول بقوة سياسية وعسكرية وحصر مفهوم الثقافة الإنسانية بتلك المحدثات الجديدة الغربية..
هذا في ظل الحكم الغربي، أو الاستعمار المباشر.. لكن أمريكا طورت المفهوم التقني للثقافة إلى استعمار أخلاقي حتى على مستوى العقل المتواجد في أمريكا ذاتها بحيث أصبح تدجين العقل أمر متوافق مع وسائل تطور الانتاج.
فالمؤسسات الكبرى سيطرت سيطرة تامة على التشريعات العمالية، والمؤسسات ذات الإنتاج المحدود، وعلى أنظمة الجامعات والأحزاب.. وأمحت بشكل غير مباشر، كل العقول المفكرة والرائدة، وحولتها في ترسانة (الميكافيلة) الحديثة.. بحيث أنجبت خلائق معدومة التفكير إلا في الحدود المرسومة لها فقط، وبمعزل كامل عن ممارساتها لحرياتها الصحيحة..
هذا المنشأ.. أو القوة الحديثة أجبرت الطرف الآخر على التحرك نحو الساحة الإنسانية، وأعني به الثقافة الحديثة (أيدلوجيا) أو المسيسة بفعل جبرية الحزب الواحد كما هو حاصل في الاتحاد السوفيتي وبقية الدول المنضوية في ركابه.
(فستالين) وظف كل الموجودات في جمهورياته إلى الحديث عن عظمة (الثورة) وكأنها الحياة المطلقة واحتمت التجربة الروسية بهذه اليقينية لتصدر للعالم نموذجها بصرف النظر عن مفترقات الإنسانية، وضغوطها القومية، أو الدينية..
وهذا المؤشر أعطي حرية التصرف لدول أخرى في أوربا رفض الأسلوبين الأمريكي، بأيدلوجية التسيير شبه الغيبي في تسيير الإنسان..
أو (باليوتوبيا) الروسية ذات التحضير الخاطئ للقبول بالعروض، أو التجربة المثالية..
هذان الافتراضان هما الأزمة في إشكالية الوجود الحالية للإنسان في العالم الثالث.. أو في وطننا العربي بالذات كوحدة منتمية لذلك العالم..
فالاتجاهان لهما رؤيتهما وأحداثهما بيننا، ولا يمكن تناسي أي قوة ضاغطة بيننا.
يبقى شيء أهم.. من التوجه إذن؟ كل الاحتياطات غير كافية في مرحلة الاتفاق الكبير بين الدولتين الأكبر..
الرجوع إلى المثل والأخلاق في معناها المتعالي ليس سهلاً، ولكن ليس صعباً إذا جردناها من أقفياتها السطحية أو المتعصبة.. وهو انتقال الى مرحلة الجدل مع تلك القوتين الأعظم..
هل نكافح مخططاتها برسم علامة (الصليب) أو تجهيز قناعاتنا فقط بالإسلام والعروبة كرغبة تاريخية ومن منظور نتفق حوله بأنه الشيء الصحيح؟
لنحارب بأسلحتنا الكثيرة، فليس ما نتفق عليه بإقليميتنا فقط هو التعميم القابل إلى التوسيع على عالمنا الإسلامي أو العربي بوجه الخصوص.. بدليل أن العالم في كل الأزمات التي خلقناها من تأميم القنال، وحربها، مروراً بأزمة النفط، وتحرر باكستان عن الهند كدولة إسلامية.. إلى آخر انفراط السبحة في ثورة إيران الاسلامية.. كل هذا جعل العالم ينتظر ليجني تناقضات أكثر وغيبوبة أقوى من كل المراحل الماضية..
هذا التجيير لتاريخنا يجعلنا نقف وسط الأمور الصعبة والكثيرة التناقض.. هل نحن أمة تخلق تناقضاتها بنفسها فعلاً، ومن دون رؤية مفصلة للخطة الراهنة؟
التصديق، أو التزييف من قبل الأعداء لا يكفي على شهادة حضورنا الثقافي بكل أنواعه المصيرية.
فمخاطبة الآخرين بلغة قناعاتنا وإرادتنا هي قصور في محاولة وضع صيغة عقلية وعلمية على حضورنا بدون تناقض واضح.. ومسألة أننا أسرى انتماءات كبرى ليس شرطاً صحيحاً، وإلا لألغينا وجودنا بكامله الثقافي والتراثي، بما فيها رسالاتنا العظمى..
وهذا الانطواء هو الذي وجه شبيبتنا إلى ثقافات غير منتمية لحاضرنا، بدليل أنها أسيرة تعصبنا، والانفلات إلى الثقافات الأخرى..
يبقى شيء مهم.. هل الثقافة أمر ضروري وحتمي، ويجب أن يتحقق من خلال تعاون تام بين الدولة والمواطن وجميع المؤسسات الأخرى، أم أنها يجب أن تكون مسألة ذاتية فقط، بمعزل عن جميع ما سيكون من اختناقات مالية بصعوبة الوصول إلى سعر الكتاب، وعدم تواجد المكتبات العامة ذات المنهج الثقافي المتعدد الميول؟
هذا الشيء لن أصل إليه وغيرى إلا ببحث ميداني وقادر على توظيف شبكة ضخمة من الباحثين والمؤهلين علمياً وتربوياً على إيجاد صيغة للحل القادم..
ولكن لنبين بعض الأسباب ذات العلاقة الواحدة، فجزء كبير من أجيال صاعدة في العالم صارت تبحث عن مدلول يعطيها اليقين أو معنى للحاضر والمستقبل، وهذا ما جعل الأسلحة الثقافية تحاول أن تنتشر من وراء الأيدولوجيات الجاهزة، أو المصنعة بما يتلاءم وتفسيرات تلك الشبيبة لها…
وبما أن العلاقة بين العالم، أو بين هذه الأجيال أصبحت واحدة، وهو ما جعل حركات أفريقيا، وأمريكا الجنوبية تنتمي إلى فئات العنف (الشرعي) كما تحلل فلسفاتهم ذلك.. حتى أن المفكر الافريقي (فرانزفانون) اعتبر عمال المدن الكبيرة طبقة (برجوازية) تنتمي بمصالحها وتطلعاتها إلى عقلية المدينة، وطردها من عالم (البروليتاريا) في الأرياف.. وهذا التطرف هو الذي ساعد على إيجاد صيغة مباشرة للبحث عن فكر وثقافة تؤديان للتغيير ولو بالعنف..
وإذا ما استطاعت قوى أن تحرك هذا النهم خاصة في البلدان الجائعة، فإنها ستجد البيئة الصالحة للتفريخ. ولطرح هذه الفلسفة كبديل ناجح في تغيير أنماط الحياة وسلبياتها.. وهنا المشكل في أن تكون الثقافة مقرونة بالعيش الحر، وهو المطلب الذي يغري بالاتجاه نحو الفلسفات اليسارية بمنطلقاتها الأممية.
وهذا المنطلق من الصعب، تجاهل تأثيراته، وهو رد فعل آخر على السياسة الثقافية التي تنتهجها الدول الاستعمارية خاصة الدول العنصرية في أفريقيا، وأمريكا وإسرائيل، ولأن الأيدولوجيات الأخرى ذات التفكير القومي أو العقائدي الديني لم تضع نموذجها السليم بحيث تقف كقوة مماثلة في التأثير وفي العطاء الإيجابي.
من هذه الزاوية أجد أن الثقافة.. والمثقف بوجه خاص في بلداننا النامية يجب أن يأخذ دوره في العيش الحر.
فالمطاردة، والحرمان، ومواجهة الضغوط هي التي تدفعه إلى الانتماء لأخذ دوره في الرقعة التي يقف عليها البشر، ولو أدى ذلك إلى الالتصاق بكليته إلى هذه الأيدولوجيات..
بمعنى آخر إن الثقافة لا تسبق العيش إطلاقاً، ولهذا أصبح تأثير الدول والقيادات العظيمة هو في رسم أسس الثقافة من خلال المضمون القومي، والتراث العقائدي، ومحاولة الالتفاف على أجيالها برسم خطة للتنوير والتثقيف..
من هذه الرؤية نقول إن الأصوات التي بدأت تظهر بأن الثقافة حالة شخصية، واستعداد ذاتي صحيح، ولكن بقراءة الأسبقيات للجو الذي يساعد على هذا الاستعداد هو الأمر الذي لم تعالجه هذه النظرة..
فعشرات الملايين من الجياع ومواليدهم، ليس يعدم أن يكون من بينهم مفكر أو فيلسوف عظيم، ولكن هذه الطاقة التي يمكن استغلالها مهمومة بتوفير عنصر بقائها.. وهنا تأتي الثقافة كجزء من أي خطة في أي بلد في العالم.. وإلا لقلنا مع الآخرين بأن التعليم هو استعداد شخصي، ويجب أن نلغي المؤسسات التعليمية، وهيئات مكافحة الأمية..
ولعل تلك الأصوات لا تنكر أن ثمن الكتاب أو الشريط أو حتى السفر للاطلاع خارج إقليمه، أصبحت من الأشياء غير الممكنة..
ناهيك أن المشكلة الفكرية، وأعنى إطارها الثقافي تلتقي في وطننا العربي مع آلاف المشاكل التي لا تحصر ولعل من أهمها..
• أن الكتاب أصبح مؤلفه بدون حماية، وإذا ما افترض أن يحصل على أي رواج في السوق العربية، فإن عشرات دور النشر تصوره، وتدفعه للسوق..
• وأن الناشر قد لا يقبل كتاباً محققاً في التراث يربو على عشر مجلدات بأن يجازف بطبعه، وهو يدرك أن القارئ العربي، وحتى المؤسسات الجامعية قد لا تحتاج كل واحدة منها إلا إلى نسخة واحدة..
• والشيء الأهم أن الثقافة أصبحت تديرها مؤسسات تجارية لها من يديرها بنفوذ أيدلوجي أو مصلحي وهذا جعل غياب مؤسسات الدول التي يمكن أن تنظم هذه الأسس على وجه أصلح مفقودة..
هذه الاعتبارات وغيرها تجعل الاحتياج إلى الثقافة أمراً مهماً، ولكن بأي الوسائل يجب أن تكون؟
هذا ما أطرحه للنقاش إن كان الموضوع يقبل فتح ملف الثقافة، ومناقشتها..
مرشحون لجائزة نوبل
كانت جائزة المستر (نوبل) حلماً يداعب خيال أدباءنا الكبار.. وربما أنها من زاوية رؤيتنا كانت تأشيرة دخول إلى عالم الشهرة الدولية.
الجائزة نالها (سارتر) ورفضها، ولكن المقايضة التي تمت بينه، وبين مانحيها، هو زيارته الشهيرة لمصر، وإسرائيل وإعلانه أن إسرائيل دولة تستحق البقاء وسط عالم من الوحوش..
فقد نسي أنه نصير العالم الثالث وصاحب كتاب (عاصفة على السكر) و (عارنا في الجزائر) إلخ.
ومنحت للكاتب الأمريكي (جون شتاينبك) صاحب رواية (عناقيد الغضب) التي هزت المجتمع الأمريكي ورواية (أفول القمر) التي حكم عليه النازيون بموجبها بالإعدام غيابياً.. وكان الثمن تبرير حرب (فيتنام) وتأييده العلني للسلطة الأمريكية في تلك الحرب غير الشرعية..
ولعل الحلم يراود الآن المستر (حكيم، أو المسيو محفوظ) دعاة فكر مرحلة السلام، أن يجهزوا أوراقهم لنيل الجائزة من جديد خاصة بعد الحوار الإنساني بينهم والمفكرين الإسرائيليين..
وقد تأتي المبادرة، أو المباركة هذه المرة من حليفه السلام ومفكريها (إسرائيل)..
فقد كانت سابقة رائعة أن يتقاسم جائزة السلام للعام الماضي (الباشا) أنور، والبطل (بیجن)..
وإذا كان عشرات من الزعماء الأفارقة والآسيويين ابتداءً من (غاندي) إلى (سنغور) وهم الذين لم يحسبوا أبداً على (موسكو) أو إسرائيل، أو حتى (أمريكا) لم يحظوا بهذا الفخر الكبير..
فإن الدعوة قد تكون قائمة ويدعى للوليمة العظيمة الكاتبان الرائدان في الفكر الإنساني الجديد.
الجائزة قد علمت كل دول العالم الثالث أنها لا تعطى إلا للأصدقاء الذين ينامون في (حجر) إسرائيل..
ونوبل نفسه حاول أن يكفر عن خطيئة اكتشاف (الديناميت) وهو لو ظهر في عهد قنبلتي (هيروشيما ونجازاكي) لاستبشر بأنه من المظلومين.. وعفا الله على الظالمين..
ولعلنا بموعد الجائزة منتظرون الحدث الأكبر.. فالسلام.. الحديث الذي يمثل جانبه إسرائيل له ثمن.. والطامحون له منتظرون.. ومبارك على مفكري السلام جائزة الآداب الكبرى وتهنئة لهم من كل الكافرين برسالة الفكر والوطن…
(كنت).. والإنجليز
(يزعمون أن الدستور البريطاني دستور يحد من إرادة الملك بواسطة مجلسي البرلمان بوصفهما يضمان ممثلي الشعب، ومع ذلك فالكل يعلم تمام العلم أن تأثير الملك على هؤلاء الممثلين كبير، وحاسم، إلى حد أن المجلسين لا يقرران إلا ما يريده الملك، وما يقترحه على لسان وزيره.. وأن دعاوة كاذبة تخدع الشعب بسراب ملكية مقيدة السلطة وبفضل القانون المنبثق عنه، بينما ممثلوه وقد دب فيهم الفساد وقد أخضعوه (أي الشعب) (الملك مطلق) (كنت: النزاع بين الكليات)..
وقال:
(أن الإنجليز هم في جوهرهم أسفل أمة في العالم. وأن العالم كله هو في نظرهم إنجلترا وسائر البلاد والناس ليسوا إلا أتباعاً لهم ورعية ومتاعاً لهم.. وهذا كله يجعل الإنجليز يستحقون البصق عليهم، وإني لأرجو أن يحطم كبرياؤهم)..
(نفس المصدر)
من كتاب كنت (للدكتور عبد الرحمن بدوي)..
هذا الكلام كتبه الفيلسوف العظيم عام (۱۷۹۸)
وهذا يبين أن الأعراق، أو القوميات الأوربية حتى في ظل فلاسفتها تنطلق من منطلق إقليمي بحث، وهذا ما يجعل الوحدة الأوربية عبارة عن قصور على الرمال.
التاريخ / 3 – 8 – 1399هـ
0 تعليق